تحليلاتخاص

أحزاب العراق تتكاثر والناخب ينسحب.. فمن يُقنع الصامتين؟

بغداد/ عراق أوبزيرفر

حراك واسع تشهده الساحة السياسية في العراق تمثل في تسجيل وتشكيل عدد متزايد من الأحزاب السياسية الجديدة قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في نهاية عام 2025، إذ أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن مصادقتها على 291 حزباً وكياناً سياسياً حتى مطلع نيسان الجاري، في رقم غير مسبوق بتاريخ العملية الانتخابية في البلاد منذ 2005.
ويعكس التوسع الواسع في الخارطة الحزبية حالة القلق العام من إعادة إنتاج الوجوه التقليدية، ودخول مزاج احتجاجي إلى الميدان السياسي عبر واجهات تنظيمية جديدة، لا سيما في أوساط الشباب الذين يمثلون أكثر من 60% من عدد سكان العراق، والذين أظهرت نسب التصويت السابقة عزوفاً ملحوظاً لديهم، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة في انتخابات 2021 حاجز 41% من مجموع 24 مليون ناخب مسجل.

كسر الحواجز النفسية
بدورها، قالت الحقوقية أنوار الخفاجي أن “المشكلة لا تكمن في عدد الأحزاب الجديدة، بل في مدى قدرتها على كسر الحواجز النفسية التي منعت ملايين العراقيين من الذهاب إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية”.
وأضافت لـ”عراق أوبزيرفر” أن “العزوف عن التصويت لا يأتي فقط من فقدان الثقة بالعملية السياسية، بل أيضاً من شعور واسع بأن الانتخابات باتت مجرد آلية لتثبيت المحاصصة، وهو ما يُصعّب على الأحزاب الناشئة جذب الناخب دون خطاب وطني مقنع وبرامج واقعية قابلة للتنفيذ”.
وتسعى غالبية الكيانات الحديثة إلى تقديم برامج تركز على محاربة الفساد، وتوفير فرص العمل، وتحسين البنى التحتية، مستفيدة من نقمة شعبية تراكمت طيلة عقدين من الإخفاقات الخدمية والسياسية، وهو ما فتح الباب أمام وجوه جديدة لتقديم نفسها بديلاً عن الأحزاب الكبرى التي تآكل رصيدها الشعبي.


لكن هذا التعدد الحزبي يرافقه غياب شبه تام للتحالفات الواضحة، مما يُنذر بإمكانية تشتت الأصوات الانتخابية، وتكرار سيناريو انتخابات 2018 و2021 حين دخلت عشرات القوائم الصغيرة إلى مجلس النواب دون وزن سياسي يُذكر، ما أدى إلى صراعات طويلة ومعقدة لتشكيل الحكومة.
غياب التنظيم الميداني
وتشير دراسات انتخابية إلى أن ما لا يقل عن 40% من الكيانات التي خاضت الانتخابات الماضية لم تحصد أكثر من ألف صوت، ما يكشف عن ضعف التنظيم الميداني لدى عدد كبير من الأحزاب، فضلاً عن محدودية تأثيرها الاجتماعي.
وتعوّل المفوضية على قانون الأحزاب في فرز الكيانات الجادة من تلك التي لا تملك مقومات البقاء، حيث تشترط تقديم نظام داخلي وهيكل تنظيمي وقاعدة بيانات دقيقة للمنتسبين، كما هددت بسحب الترخيص من أي حزب يخلّ بالشروط القانونية أو يخالف نظام الحملات الانتخابية.
وبينما تبدو الانتخابات المقبلة فرصة سانحة لتجديد النظام السياسي من الداخل، يرى مراقبون أن تحقيق هذا الهدف مرهون بتوافر ثلاثة شروط، وهي خطاب جامع يتجاوز الهويات الفرعية، تحالفات انتخابية مدروسة، وقدرة على استثمار أدوات التأثير الرقمي وتفاعل الجمهور.
في المقابل، يسود قلق من ظاهرة “اللا أمل الانتخابي” إذا ما بقي المشهد يدور في فلك الأسماء ذاتها تحت لافتات جديدة، وهو ما قد يؤدي إلى تدني نسبة المشاركة مجدداً، خاصة إذا ما اقترنت العملية الانتخابية ببيئة سياسية وأمنية مشوشة، أو قرارات قضائية مثيرة للجدل بشأن المرشحين والتحالفات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });