العراقتحليلاتخاص

أزمة رواتب كوردستان تعود إلى الواجهة… خلافات بغداد وأربيل تتفجر بعد “العقود الضخمة”

بغداد/ عراق أوبزيرفر

عاد ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان ليتصدر المشهد العراقي، وسط أجواء سياسية مشحونة وخلافات متصاعدة بين بغداد وأربيل، تعيد إلى الأذهان سيناريوهات سابقة لم تُحل بشكل جذري، ويبدو أن أزمة الرواتب قد عادت إلى “المربع الأول”، مع تشكيك متبادل في النوايا، وتباين في تفسير الالتزامات القانونية والدستورية.
وجاء ذلك بعد توقيع أربيل عقوداً نفطية ضخمة مع واشنطن، وهو ما اعبر رداً من بغداد على تلك الخطوة.
وأعلنت وزارة المالية العراقية مؤخرًا وقف تمويل رواتب موظفي الإقليم، بحجة تجاوز حكومة كردستان لحصتها المحددة في قانون الموازنة، والبالغة 12.67% من إجمالي الموازنة الاتحادية.
وبيّنت الوزارة أن الصرف الفعلي لحكومة الإقليم تجاوز 13.5 تريليون دينار، ما اعتبرته مخالفة صريحة للقانون.
في المقابل، ردّت حكومة إقليم كردستان بغضب، معتبرة أن القرار يعكس سياسات ممنهجة للتجويع والإقصاء.
وقالت في بيان إن “الحقيقة ستنتصر”، متهمة الحكومة الاتحادية بتسييس الملف الإنساني وتحويله إلى ورقة ضغط في التفاهمات السياسية. وأكدت حكومة الإقليم أنها ستوفد وفدًا رفيع المستوى إلى بغداد مطلع الأسبوع المقبل في محاولة جديدة للتفاوض بشأن آليات الصرف والالتزامات المتبادلة.
وتأتي هذه الأزمة في توقيت حرج، مع اقتراب عيد الأضحى، حيث يعيش المواطنون الكرد حالة من القلق والترقب في ظل انعدام الرؤية بشأن مصير الرواتب.
وقد عبّر مئات الآلاف من الموظفين عن استيائهم من عودة الأزمة إلى الواجهة، بعد وعود متكررة من الطرفين بحل جذري ومستدام للملف.

ويرى مراقبون أن المشكلة لا تكمن فقط في الأرقام والحصص، بل في غياب الإرادة السياسية لحل الخلافات المالية ضمن إطار شامل، فمنذ سنوات، تعثرت المفاوضات حول صادرات النفط من الإقليم، والسيطرة على المنافذ الحدودية، وآلية تسديد الرواتب، دون الوصول إلى تفاهمات نهائية.
وغالبًا ما كانت الحلول مؤقتة وتخضع لتوازنات اللحظة السياسية أكثر من كونها مبنية على رؤية استراتيجية.
ويشير اقتصاديون إلى أن تعثر دفع الرواتب يخلق آثارًا اقتصادية واجتماعية كبيرة، تتجلى في الركود الحاد في الأسواق، وارتفاع معدلات الدين الشخصي، وتراجع ثقة المواطن بالحكومة.

قرار سياسي
بدوره، انتقد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد، قرار وزارة المالية العراقية بوقف تمويل الرواتب، واصفًا إياه بأنه “قرار سياسي بامتياز، بعيد عن الاتفاقيات الدستورية والقانونية، كما أنه قرار غير إنساني يستهدف قوت الموظفين وأرزاقهم، لا سيما مع اقتراب عيد الأضحى المبارك”.
وقال محمد في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “القرار يحمل أبعادًا سياسية واضحة، كما أن حكومة إقليم كردستان لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الانتهاكات غير الإنسانية، حيث أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ينتظر حتى الثاني من الشهر المقبل لمواصلة المساعي والجهود لحل الأزمة”
وحذر أنه “في حال لم يتم إرسال المستحقات المالية، فإن الحزب الديمقراطي وحكومة الإقليم سيكون لهما موقف حازم وصارم لحماية حقوق شعب كردستان”
وأضاف أن “العلاقة بين بغداد وأربيل ستتأثر سلبًا بسبب هذا القرار، كون أن قطع الموازنة وعدم إرسال حصة الإقليم يشكل خرقًا صريحًا للمواد الدستورية والاتفاقيات التي قامت على أساسها الحكومة العراقية الحالية”

ولفت إلى أن “هذه الأزمة ستزيد من تعقيد المشاكل السياسية، وقد تؤثر حتى على الانتخابات القادمة ومشاركة الكرد في العملية السياسية”
وتُظهر هذه التطورات هشاشة الاتفاقات السابقة التي أبرمت بين الطرفين، والتي غالبًا ما تُبنى على تسويات ظرفية دون معالجة جوهرية للاختلالات في العلاقة بين المركز والإقليم.
ويبدو أن أزمة الرواتب مرشحة للاستمرار، ما لم يتم التوصل إلى تفاهم شامل يعالج جذور الخلاف ويضمن العدالة في التوزيع، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والمزايدات الحزبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });