العراقتحليلات

إعداديات الصناعة أم المواد النظرية.. ماذا يحتاج العراق؟

بغداد/ عراق أوبزيرفر
شلكت المدارس المهنية مثل الزراعية والصناعية، والفنون، على مدار العقود الماضية، مخزناً هائلاً للطاقات الشبابية التي تفجرت، وساهمت في نهضة العراق، خلال حقبة السبعينات، لكنها تضاءلت فيما بعد، وصولاً إلى غيابها عن الساحة العلمية، مع سيادة الكليات الإنسانية، والتوجه العام نحو التعيينات في القطاع الحكومي.

وتمكنت تلك المدارس، من تخريج أيدٍ صناعية ماهرة، وإعداد جيل احترف المهن الصناعية الحديثة آنذاك، فضلاً عن الأيدي الزراعية، الماهرة، والتي اتخذت الزراعة الحديثة مهارة لها.

ويهدف فتح مدارس تجارية إلى تخريج جيل ملمٍ بالمواضيع التجارية، وإدارة الأعمال، وإعداد فئة من الناس تتخذ هذه الأعمال مهنة لها .

واعتمدت أوروبا في نهضتها كثيراً على المدارس الصناعية، التي تحولت إلى مخزن كبير، يستوعب جميع الطاقات الشبابية، في حال أخفقت في تعلم العلوم الأخرى، مثل الهندسة والطب، أو العلوم الأدبية والإنسانية وغيرها.

وتمكنت تلك المدارس من تخريج أجيال قادرة على مواكبة العصر الحديث، وانتزاع فرص في سوق العمل، وخلق بيئة مثالية للأعمال وإدارتها، ما انعكس سريعاً على نهضة الكثير من الدول التي اعتمدت هذا النظام بشكل كبير.

لكن الوضع في العراق، اختلف كثيراً، فعلى رغم أنه كان من أوائل الدول العربية التي أدخلت تلك النظم، لكن تلك المدارس تراجعت الآن، وأصبح الذهاب إليها، يمثل خيبة أمل لدى الطلبة، ووصمة اجتماعية تلاحق الدارسين فيها، إذا ما قورنوا بأصدقائهم في الكليات الأخرى، على رغم أن فرص العمل ستكون متاحة لخريجي هذا النوع من المدارس بكثرة، وليس لخريجي الكليات النظرية.

وتعاني الدوائر الحكومية في الوقت الراهن، من تضخم كبير في عدد الموظفين، خاصة في ظل سياسة التعيين التي لجأت إلى حكومة السوداني، إذ دخل نحو نصف مليون موظف إلى القطاع العمومي، وهو ما يثقل كاهل الدولة، ويوجه أغلب الموازنات المالية نحو دفع مرتبات الموظفين، دون تحقيق تنمية اقتصادية لجميع أفراد الشعب.

وفي حال تخرج الطلاب في تلك المدارس، فإنهم سيمتلكون مهارات كبيرة، في صناعات وحرف مختلفة، مثل الكهربائيات، وإصلاح الأجهزة، وأنظمة البرمجيات، وصيانة الحواسيب، وصولاً إلى الحدادة والنجارة، والمهن الأخرى.

وفي دول متطورة، تتوسع الدراسة في تلك المدارس، لتشمل اختصاصات دقيقة ومهمة، تخلق فرص عمل لأصحابها، مثل فن الإضاءة، والتصوير، وتنصيب الأجهزة، وفنون التجميل، والازياء وغيرها.

ويرى المشرف التربوي، يوسف الجبوري، أن “غياب تلك المدارس وانخفاض انتاجيتها، وعدم سيادتها، ظهرت آثاره سريعا في العراق، بسبب تخريج آلاف العاطلين عن العمل سنوياً، الذين يجيدون مناقشة القضايا النظرية، بعد أن درسوا مختف العلوم والتخصصات، لكن تلك الدراسة لم تنعكس كقيمة عملية، تساهم في نهضة البلاد الاقتصادية”.

وأضاف الجبوري في تعليق لـوكالة “عراق أوبزيرفر” أن “التوجه الحكومي الآن والوزارات المختصة بالتعليم مثل التربية والتعليم العالي، أصبح واضحاً نحو المواد النظرية، وحشر المعلومات في رأس الطالب”، مشيراً إلى أن “الاساتذة العاملون في الكليات لديهم معرفة واضحة بذلك، لكن التوجيهات تصدر من قبل الوزراء، وليس من الطواقم العلمية التي أثبتت قدرتها وقابليتها على التكيف، لكن المسألة بحاجة إلى قرار سياسي، وتوجه رسمي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى