العراقتحليلاتخاص

التحريض الطائفي تحت المجهر في العراق.. تحرّك حكومي وقانوني ومطالب بتشريع رادع

بغداد/ عراق أوبزيرفر
عاد ملف خطاب الكراهية والتحريض الطائفي إلى الواجهة مجددًا في العراق، بعد تصاعد لهجات التحريض في بعض الفعاليات والمنابر الإعلامية، ما دفع الحكومة والأجهزة الأمنية إلى التحرك، وسط مطالبات بتشريع قانون خاص يجرّم هذه الخطابات ويحمي السلم الأهلي من خطر الفتنة والانقسام.
ووجّه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم الخميس (26 حزيران 2025)، هيئة الإعلام والاتصالات بمتابعة وملاحقة مصادر خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، مؤكداً أهمية التصدي لكل ما يضر بالأمن الوطني أو يهدد تماسك المجتمع.
وقال بيان صادر عن مكتبه إن السوداني شدد، خلال استقباله رئيس مجلس مفوضي الهيئة وأعضاء المجلس، على “أهمية أن تضطلع الهيئة بدور رقابي فاعل في مواجهة التحريض، مع التركيز على تعزيز خطاب المواطنة عبر وسائل الإعلام”. كما أكد على “تفعيل مكاتب الهيئة في المحافظات، وتعزيز شراكتها مع الجامعات، وتطوير قدراتها في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي”.
من جانبها، باشرت لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات قانونية ضد عدد من المحرضين على الكراهية، مؤكدة في بيان رسمي عزمها على “اتخاذ خطوات صارمة ضد كل من يروّج للخطابات الطائفية عبر الإنترنت أو غيره”.

في السياق ذاته، أكد الخبير القانوني علي التميمي أن “الدستور العراقي في مادته السابعة يحظر بشكل قاطع أي كيان أو نهج يتبنّى العنصرية أو الإرهاب أو الطائفية”، مشيرًا إلى أن “المادة 200 من قانون العقوبات تعاقب بالسجن حتى 7 سنوات لمن يحرّض على النعرات الطائفية أو المذهبية”.

وأوضح التميمي لـ”عراق أوبزيرفر” أن “التحريض الطائفي يندرج أيضًا تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، وتحديدًا في مادتيه الثانية والرابعة، باعتباره أحد صور الجريمة الإرهابية”، لكنه نبّه إلى “غياب تشريع خاص ومباشر يعالج هذه الظاهرة، ويلاحق السياسيين وغيرهم ممن يعتاشون على إذكاء التفرقة، خاصة مع تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأضاف أن “على دائرة الأحزاب في وزارة العدل أن تُفعّل صلاحياتها وفق قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015، الذي يُجيز منع أي حزب يثير الطائفية من المشاركة السياسية أو الانتخابية”، مشيرًا إلى أن “تشريع قانون خاص لمكافحة التحريض الطائفي بات ضرورة قصوى، كما فعلت دول مثل بريطانيا، التي سبقت العراق بخطوات عملية في هذا المجال”.
وأصدر النائب في البرلمان العراقي رعد الدهلكي بيانًا شديد اللهجة استنكر فيه ما قام به الشاعر عبد الحسين الحاتمي من إلقاء قصيدة طائفية تضمّنت إساءات للصحابة وأمهات المؤمنين.

وقال الدهلكي في بيان: إن “هذا الخطاب المقيت الذي يفتقر لأدنى معايير الأخلاق واحترام المقدسات لا يمثل إلا صاحبه ومن على شاكلته من النفوس المريضة بالحقد والطائفية”، محذرًا من أن “مثل هذه التصرفات الرخيصة والمشبوهة تهدف إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، وإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد”.
ودعا القضاء العراقي وجهاز الأمن الوطني إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لإسكات هذه الأصوات النشاز ومحاسبة كل من يسعى لبث سموم الكراهية والتفرقة”، معتبرًا أن “الصمت أو التغاضي عن مثل هذه التصرفات يُعد قبولًا بها، وهو ما لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال”.
ويرى مختصون أن خطابات الكراهية لم تعد مجرد مواقف فردية أو تعبيرات عشوائية، بل تحوّلت إلى أدوات تُستخدم سياسيًا وطائفيًا، وهو ما يهدد أسس التعايش والاستقرار في بلد شهد في السابق حروبًا أهلية دامية على خلفيات مذهبية.
وفي ظل غياب قانون خاص يُجرّم التحريض الطائفي بشكل مباشر، تظل المعالجات الحكومية والأمنية غير كافية – وفق مختصين – ما يفتح الباب أمام مطالبات شعبية وبرلمانية بإصدار قانون شامل، يردع المحرضين، ويضبط الخطاب العام، ويحصّن المجتمع العراقي من الانزلاق مجددًا نحو الفتنة والانقسام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });