تحليلاتخاص

الخطط جاهزة.. ما مستقبل العراق بعد انسحاب قوات التحالف الدولي؟ (تحليل)

بغداد/ عراق أوبزيرفر

تتواصل التقارير الأمريكية من كبريات المؤسسات الإعلامية هناك، بشأن خطة انسحاب قوات التحالف من العراق، حيث تحدثت سلسلة تقارير عن مجمل الخطة التي يُراد تنفيذها خلال سنتين.

وقال مسؤولون أميركيون، إن الولايات المتحدة والعراق توصلتا إلى اتفاق “سيتم الإعلان عنه الأسبوع المقبل”، لانسحاب مئات من القوات الأميركية والأجنبية الأخرى من العراق بنهاية عام 2026، مرجحين أن تظل بعد ذلك “قوة أميركية صغيرة” بصفة استشارية وتقديم الدعم اللوجستي لقواتها المتمركزة في سوريا.

وذكر المسؤولون لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أن المئات من جنود القوات الأميركية والتحالف الدولي الذي تشكل عام 2014، سيغادرون العراق بحلول سبتمبر 2025، يتبع ذلك سحب للقوات المتمركزة بمدينة أربيل في كردستان العراق بحلول نهاية عام 2026.

تباين في المواقف
وتتضارب تصريحات المسؤولين العراقيين ونظرائهم في الولايات المتحدة، بشأن الاستعداد لتسلم مهام قوات التحالف الدولي، كما تتضارب بشأن التقييمات الأمنية، ففي الوقت الذي تؤكد واشنطن أن الخطر لا يزال قائماً فإن المسؤولين العراقيين يقللون من قيمة تلك التصريحات.

فعلى سبيل المثال، قالت السفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي، السبت، إن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.

وأضافت رومانسكي في تغريدة على منصة “إكس” بمناسبة اليوم الدولي للسلام، أن الولايات ملتزمة “بالعمل جنبا إلى جنب مع شركائنا في الحكومة العراقية والمجتمع المدني لتعزيز عراق سلمي ومزدهر للأجيال القادمة”.

ومنذ عام 2003، كان التواجد العسكري الأمريكي في العراق محوريا في رسم ملامح الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، فبعد سقوط نظام صدام حسين، أصبحت الولايات المتحدة اللاعب الأساسي في إعادة بناء المؤسسات العراقية، بالإضافة إلى مواجهة التنظيمات المتطرفة التي برزت نتيجة للفراغ الأمني.

وفي 2014، تشكل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم “داعش”، الذي اجتاح مناطق واسعة من العراق وسوريا، مما أعاد الزخم للتواجد العسكري الأجنبي في البلاد.

وتُثار مخاوف حول تأثير انسحاب قوات التحالف على الأوضاع الأمنية في العراق، رغم النجاحات التي حققتها القوات العراقية في مواجهة تنظيم “داعش”، إلا أن التحديات الأمنية لا تزال قائمة، إذ يواجه العراق تهديدات من خلايا نائمة لتنظيمات متطرفة، بالإضافة إلى تحديات أخرى مثل الصراعات الطائفية وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة.

دور محوري
ومنذ تشكيله في 2014، لعب التحالف الدولي دورا محوريا في تدريب وتسليح القوات العراقية، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي، وهو ما أسهم في تحسين قدرات الجيش العراقي وقوات الأمن المحلية.

ومع اقتراب موعد الانسحاب، يرى خبراء أنه من الضروري تقييم مدى جاهزية القوات العراقية لتولي المهام الأمنية بشكل كامل، خاصة وأن الوجود العسكري الأمريكي في العراق لا يتعلق فقط بالأمن الداخلي، بل له تداعيات على موازين القوى الإقليمية.

ويفتح الانسحاب المجال أمام قوى إقليمية مثل إيران وتركيا لتعزيز نفوذها في العراق، كما أن الانسحاب قد يؤثر على الحرب ضد تنظيم “داعش” في سوريا، حيث تشكل القوات الأمريكية المتبقية في العراق جزءا من جهود التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سوريا.

والمباحثات الأميركية – العراقية كانت تتم منذ أشهر عبر اللجنة العسكرية العليا التي جرى الإعلان عنه في أغسطس 2023.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين، إن بلاده عملت مع الولايات المتحدة من خلال اللجنة العسكرية العليا على “استكمال اتفاقية من شأنها أن تنهي مهمة التحالف ضد (داعش)”، بحسب ما أوردت “وول ستريت جورنال”.

ولفت إلى أن الجانبين يعملان كذلك على “الانتقال إلى مرحلة إقامة علاقة ثنائية أوسع نطاقاً، تشمل قطاعات أخرى بالإضافة إلى الأمن والجيش”.

سيناريوهات ما بعد الانسحاب
وبناءً على المعطيات الحالية، يمكن توقع عدة سيناريوهات لما بعد انسحاب القوات الأمريكية، يتمثل السيناريو الأول في نجاح القوات العراقية في تولي المهام الأمنية بشكل كامل، وبالتالي تعزيز السيادة العراقية وتحقيق استقرار نسبي في البلاد.

أما السيناريو الثاني، فهو يتعلق بتلكؤ القوات العراقية في مواجهة التحديات الأمنية بمفردها، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الأمنية وعودة الفوضى إلى بعض المناطق مرة أخرى، خاصة المحافظات المحررة من داعش.

ويمثل انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق خطوة حاسمة في تاريخ العلاقات العراقية – الأمريكية، إلا أن نجاح هذه الخطة يعتمد بشكل كبير على قدرة العراق على تسلم المهام الأمنية بشكل كامل، ورغم الخلافات القائمة بين بغداد وواشنطن حول تقدير التهديدات الأمنية، إلا أن التعاون سيكون ضرورياً لضمان استقرار العراق والمنطقة بشكل عام، في ظل التوترات المتصاعدة بعد الحرب على غزة.

من جهتها، نقلت “بلومبرغ” عن مسؤولين كبيرين، الجمعة، قولهم إنه سيتم بموجبه الاتفاق الجديد بين بغداد وواشنطن، استبدال التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

والثلاثاء الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مقابلة مع “بلومبرغ”، إن مبررات وجود التحالف الدولي بالعراق انتهت، “وعراق 2024 ليس عراق 2014”.

واعتبر أن انتهاء مهمة التحالف الدولي “لا تعني انتهاء العلاقة” بين بغداد وواشنطن، بل العكس “نخوض محادثات لبناء علاقات أمنية مستدامة وروابط اقتصادية وثقافية واجتماعية وعلمية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى