الذكرى السنوية
العراقتحليلاتخاص

“السبيس الانتخابي”.. حملات تبدأ بالتبليط لكن تضرب البوصلة السياسية في العمق!

بغداد / عراق أوبزيرفر

بدأت الحملات الانتخابية في العراق مبكرًا، متجاوزة الموعد الرسمي لانطلاقها، حيث تشهد بعض المناطق نشاطات محدودة تقتصر في أغلبها على تبليط شوارع فرعية لا تتجاوز مئات الأمتار، في مشهد مألوف يتكرر كل دورة انتخابية دون تغيير ملموس في البنية الخدمية العامة.
وظهر مجددًا مرشحون يغيبون عن الجمهور لسنوات، ثم يعودون إلى الساحة مع اقتراب موعد الاقتراع، حاملين وعودًا مكررة تتعلق بالخدمات والتعيينات، دون أن يقدموا سجلًا واضحًا لما أنجزوه خلال فترات التمثيل النيابي السابقة، الأمر الذي يعمق الفجوة بين الناخب والممثل السياسي.
واستمر اعتماد بعض الحملات على شعارات خدمية مؤقتة لا تعكس المهام الدستورية للنائب، إذ يركّز كثير من المرشحين على أعمال تبليط وتنظيم زيارات جماعية وتوزيع مساعدات، في حين يغيب التركيز على الدور التشريعي والرقابي المفترض أن يمثّل جوهر عمل البرلمان.
ورأى مراقبون أن هذا التوجه يعكس خللًا في فهم الناخب والمرشح على حد سواء لطبيعة العملية السياسية، ويؤشر على استمرار ضياع البوصلة السياسية في البلاد، بما يعمّق من أزمة بناء مؤسسات حقيقية قائمة على مبدأ الفصل بين السلطات.
وأكد المحلل السياسي نزار حيدر أن ما يعرف بـ”مكاتب الخدمات” المرتبطة ببعض النواب والكتل، لا تظهر على أرض الواقع إلا قبيل موعد الانتخابات، مشيرًا إلى أنها تُستغل لتقديم خدمات سريعة مثل التبليط والمساعدات بهدف التأثير على خيارات الناخبين.
وأوضح حيدر في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر” أن “المرشح الذي يمتلك إنجازات ملموسة لا يحتاج إلى هذه الأساليب الدعائية المؤقتة، بل يمكنه أن يعرض منجزاته كجزء من تقييم موضوعي لأدائه”، مضيفًا أن “الاعتماد على الخدمات المؤقتة يعكس خواء البرامج الانتخابية من الرؤية الحقيقية”.
وانتقد حيدر أيضًا ما وصفه باستخدام بعض المرشحين لخطابات طائفية أو عشائرية كوسيلة للتجييش الانتخابي، معتبرًا أن هذه الأساليب تكشف غياب رؤية سياسية واضحة، وتساهم في تمزيق النسيج الاجتماعي بدلًا من معالجته.
ولفت إلى أن النائب ليس جهة تنفيذية ولا يمتلك صلاحيات التوظيف أو تنفيذ المشاريع الخدمية، بل يتمثل دوره في التشريع ومراقبة أداء الحكومة، وهو ما يجدر أن تتركز عليه الحملات الانتخابية بدلًا من الترويج لمهام لا تقع ضمن سلطات المجلس النيابي.
وتواصلت العادة الانتخابية المعروفة في الشارع العراقي، حيث تعاد وعود تبليط الشوارع أو على الأقل فرشها بمادة “السبيس”، إلى جانب الوعود بفرص العمل والتعيينات، رغم أن هذه الأمور تندرج ضمن مهام تنفيذية لا يمتلكها النائب، وهو ما يجعل كثيرًا من الحملات مجرّد دعاية لا تملك أي غطاء قانوني أو إداري لتحقيقها بعد الانتخابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });