
عراق أوبزيرفر/ بغداد
لم يتوقف تأثير سقوط نظام بشار الأسد في سوريا عند حدود هذا البلد، بل امتد إلى العراق والمنطقة بأسرها، محدثًا تغيرات جوهرية في موازين القوى، إذ فقدت إيران نفوذها التقليدي، في مقابل صعود تركيا كلاعب أساسي في المشهد الإقليمي، مستفيدة من التحولات التي فرضتها الأحداث الأخيرة .
ومع سقوط النظام السوري، برزت مؤشرات على تزايد النفوذ التركي، حيث عززت أنقرة وجودها العسكري والاستخباراتي في شمال العراق، مستثمرةً في الفراغ الذي تركه التراجع الإيراني، وفي هذا السياق، تظهر توقعات بأن تستغل تركيا هذه اللحظة لبسط سيطرتها على مناطق النزاع، خاصة تلك التي تضم فصائل كردية معارضة .
بدوره، أكد المحلل السياسي علي ناصر، أن “العراق لا يمكن فصله عن المشهد العام في المنطقة وما يُعرف بـ(الشرق الأوسط الجديد(، مشيرًا إلى أن “الزيارات الأخيرة، ومنها زيارة وزير الخارجية التركي إلى العراق خلال الأيام الماضية، ولقاؤه بوزير الخارجية العراقي، تعكس توافقات سياسية خارجية تصب في مصلحة الحكومة العراقية”.
وأضاف ناصر، في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر”، أن “المستجدات في إيران قد تحمل رسائل بين واشنطن وطهران، ما قد يفضي إلى تفاهمات جديدة تعزز فرص التعاون بين الطرفين في المستقبل القريب”، معتبرًا أن ذلك “سينعكس إيجابيًا على العراق، الذي يتأثر بالتوجهات الإقليمية، خاصة مع وجود تدخلات إيرانية في الساحة السياسية العراقية، فضلًا عن التزام العراق باتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وما يرافق ذلك من زيادة في أعداد العسكريين الأمريكيين داخل قواعد عدة، مثل قاعدة عين الأسد قرب الحدود العراقية السورية”.
وأشار إلى أن “هذه العوامل جنّبت العراق الانجرار إلى صراعات كان من الممكن أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة داخليًا”، موضحًا أن “الحكومة الحالية انتهجت سياسة مرنة تتماشى مع المتغيرات الإقليمية، ما يعزز فرص تحقيق الاستقرار مع تراجع النزاعات في المنطقة، مثل وقف إطلاق النار في جنوب لبنان وغزة، وتوقعات بتهدئة مماثلة بين روسيا وأوكرانيا في الأشهر المقبلة”.
ملفات أخرى
ولم يعد التنافس التركي-الإيراني مقتصرًا على سوريا، بل امتد إلى ملفات أخرى، من دعم أنقرة لأذربيجان في صراعها مع أرمينيا، إلى التحركات الاقتصادية والسياسية في العراق، إذ باتت تركيا تملك مساحة أوسع للمناورة والتأثير، نتيجة اختلاف أولوياتها عن طهران، واعتمادها على استراتيجيات أكثر مرونة .
في ظل هذه المتغيرات، شهدت السياسة الإيرانية مراجعات داخلية، حيث برزت دعوات لإعادة النظر في الاستراتيجية الإقليمية، وسط اعترافات بتراجع النفوذ الذي استمر لعقود، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات تعديل المواقف الإيرانية أو البحث عن تحالفات جديدة للحد من الخسائر
في غضون ذلك، تستمر أنقرة في توسيع نفوذها داخل العراق، عبر وجودها العسكري والاستخباراتي في شمال البلاد، حيث أقامت عشرات القواعد العسكرية خلال السنوات الماضية، مدعية محاربة التنظيمات الكردية المسلحة، لكن هذا التواجد أثار احتجاجات متكررة من بغداد، التي تجد نفسها الآن أمام تحديات متزايدة، في ظل استمرار تركيا في فرض أجندتها السياسية والعسكرية في المنطقة .