
بغداد/ عراق أوبزيرفر
يبدو أن الاقتصاد العراقي سيدخل في نفق جديد في ظل تقلبات أسعار النفط العالمية، مع تراجع أسعارها، وتفاقم الأزمة المالية في البلاد، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي والقدرة على تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين.
واستقرت أسعار النفط بالقرب من أدنى مستوياتها في ستة أشهر، متأثرة بالتعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليصل خام غرب تكساس الوسيط إلى 67 دولارًا للبرميل بعد انخفاضه بنسبة 5% خلال الجلسات الأخيرة، وأغلق خام برنت دون 70 دولارًا يوم الأربعاء الماضي.
هاجس الرواتب
وفي هذا السياق، حذر خبراء الاقتصاد من عجز الحكومة عن دفع الرواتب في حال استمرت الأزمة المالية دون حلول جذرية، ومع انخفاض الإيرادات النفطية وارتفاع العجز في الموازنة، تواجه الحكومة صعوبة في تأمين السيولة اللازمة لتغطية النفقات الأساسية، وعلى رأسها رواتب الموظفين والمتقاعدين.
وأكد الخبير الاقتصادي ناصر الكناني أن “الإيرادات النفطية لن تكون كافية لتغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية”، موضحًا أن “كلفة استخراج النفط تتجاوز 17 دولارًا للبرميل، مما يعني أن الإيراد الفعلي أقل من 50 دولارًا للبرميل بعد خصم تكاليف الإنتاج”.
وأضاف لـ”عراق أوبزيرفر” أن “معالجة العجز المالي المتزايد في الموازنة، الذي قد يصل إلى 90 تريليون دينار خلال 2025، ستلجأ الحكومة إلى الاقتراض الداخلي والخارجي”.
وأشار الكناني إلى أن “الإقبال على إصدار السندات المالية لتمويل العجز كان ضعيفًا جدًا”، محذرًا من أن “استمرار السياسات الاقتصادية الحالية دون إصلاحات هيكلية سيؤدي إلى مزيد من الضغوط المالية على الدولة”.
غموض واضح
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي همام الشماع أن الحكومة العراقية تفتقر إلى خطة واضحة لمواجهة انخفاض أسعار النفط.
وأوضح لـ”عراق أوبزيرفر” أن “الحكومة لم تضع رؤية طويلة المدى لمواجهة الانخفاضات المتوقعة في الإيرادات النفطية”، مشيرًا إلى أن “دخول نفط كردستان إلى الصادرات العراقية لن يكون له تأثير ملموس في تعويض انخفاض الأسعار والإيرادات”.
وأضاف الشماع أن “الإيرادات النفطية المتراجعة قد تكون كافية فقط لتغطية الرواتب والرعاية الاجتماعية، لكنها لن تكفي لتغطية باقي النفقات”، مؤكداً أن الحل يكمن في “تخفيض الإنفاق الحكومي، خصوصًا في البنود غير الضرورية، مثل النفقات الخاصة ونفقات الصيانة، والتركيز على المشاريع الإنتاجية”.
تقليل الإنفاق
وفيما يتعلق بقطاع النفط العراقي، حذر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي من “التخلف المريع” في هذا القطاع، مشيرًا إلى التناقضات بين سياسة استيراد وتصدير المنتجات النفطية.
وأوضح المرسومي لـ”عراق أوبزيرفر” أن “العراق صدّر في عام 2024 نحو 12.910 مليون طن من المنتجات النفطية، منها 90% من النفط الأسود، بينما استورد حوالي 2.483 مليون طن من البنزين”.
وأشار إلى أن “أسعار النفط الأسود في السوق العالمية أقل من أسعار النفط الخام، ما يزيد من التحديات في قطاع تكرير النفط”، مضيفًا أن “العراق لم يحقق الاكتفاء الذاتي من البنزين بعد تشغيل مصفاة كربلاء، بسبب المشاكل المستمرة في كفاءة الإنتاج والتكرير”.
وتشير تحليلات إلى أن الأزمة المالية التي يعاني منها العراق نتيجة انخفاض أسعار النفط قد تهدد استقرار الاقتصاد الوطني في المستقبل القريب، إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات جذرية لتنويع مصادر الإيرادات وتقليل الإنفاق.