بايدن .. صانع الزلات
حمزة مصطفى يكتب لـ عراق أوبزيرفر
بايدن .. صانع الزلات
صحيح أن الرئيس الأميركي جوبايدن بلغ من الكبر عتيا “الكبر مو عيب”, لكنه ليس الوحيد من بين قادة العالم من تخطى عتبة الثمانين. وعتبة الثمانين بلغة شاعرنا لبيد بن ربيعة العامري تحوج المرء الى ترجمان ( إن الثمانين وبلغتها .. فاحوجت سمعي الى ترجمان). أقول ليس بايدن وحده من بلغ هذا العمر حتى بدأ يخربط بحيث يخلط بين المدن والزعماء بزلات لسان لم يعد “يلبس عليها عقال” بياشماغ أحمر أو أوسود لا فرق. فهناك هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الداهية الذي بلغ المائة عام ولايزال عقلا وذهنا متوقدا بحيث لم يزل ولا مرة واحدة طيلة العشر السنوات الأخيرة (يعني من التسعين الى اليوم حيث المائة). بايدن لايزال إبن الثمانين ويستعد العام القادم لخوض معركة الرئاسة ضد زعيم من طراز مختلف. صحيح هو أصغر منه بنحو ثلاث سنين لكن مايلاحقه من فضائح ليست لسانية مثل بايدن بل من نوع أخر ومنها تهم الإغتصاب هي الأخرى تجعله فضيحة متنقلة. وفي إطار سلسلة ماتقوم به نساء من دعاوى ضده في المحاكم الأميركية بتهمة إغتصابهن لم يبق سوى أن ترفع ميلانيا “زوجته” دعوى قضائية ضده بتهمة إغتصابها هي الأخرى.
إذن بين رئيس سابق يغتصب نساء وهو “ماشي”, وبين رئيس لسانه “يفلت” وهو ماش تقاد الولايات المتحدة الأميركية اليوم. المصيبة أن كلا الرجلين يستعد مع أنصار بالملايين لخوض معركة الرئاسة العام القادم. ترمب يستعد عبر إستثمار التهم “المعرة” ضده بوصفها رصيدا لتعزيز فوزه ووصوله ثانية الى البيت الأبيض في سابقة حصلت مرة واحدة من قبل, حيث إنتخب الرئيس الأميركي غروفر كليفلند رقم 22 وعاد رئيسا مرة أخرى يحمل الرقم 24 في القرن التاسع عشر. بينما يسعى بايدن مثل أسلافه الديمقراطيين أوباما وبيل كلنتون وكارتر وجونسون الى التجديد له لولاية ثانية. كلاهما ترمب وبايدن لم يقدرا الظروف المختلفة التي جعلت غليفلند يعود الى الرئاسة وهو ديمقراطي بالنسبة لترمب, ولا طبيعة الرؤساء الذين أعيد إنتخابهم ومعظهم كانوا شبابا حين تولوا السلطة (أربيعنات من العمر خصوصا كلينتون وأوباما) بالنسبة لبايدن. ففيما تولى ترمب السلطة وهو فوق السبعين وهي الأخرى سابقة لم تحصل حتى لرئيس جمهوري حكم لدورتين مثل رونالد ريغان الذي كان في التاسعة والستين عند إنتخابه, فإن بايدن تولى السلطة وهو في أواخر السبيعنات من العمر وهو أمر لم يحصل من قبل حتى بالنسبة لزعماء أميركا الكبار مثل جون كندي الذي تولى الرئاسة وهو في عمر 43.
وفي سياق المقارنة والمقاربة بين الأمس واليوم فإن الولايات المتحدة الأميركية بدأت تشيخ على مستوى الرؤساء بمن في ذلك رؤساء البرلمان وليس الجمهورية. فرئيسة البرلمان المخضرمة نانسي بيلوسي تقاعدت وهي في عمر 83 بينما لايزال يزحف كينسجر الذي دخل بـ “العمرين” كما نقول في أمثالنا متجاوزا حتى عمر “التفك” لكنه تقاعد من سنوات طويلة حين كان لايزال في ريعان كهولته.
بعكس أميركا يبدو أمر أوربا مختلفا. ففي الوقت الذي يطلق عليها القارة العجوز لكنها بدات تجدد شبابها بزعامات شابة وغالبيتها نساء لم يتخطين الأربعينات من العمر وجميلات. لكن كل هذا بـ “جفة” و”جفصات” بايدن بـ “بجفة” حين لم يعد يتذكر أسماء المدن والشخصيات. في تقديري مثل هذه “الجفصات” لاتدخل في سياق مايسمى زلات اللسان بقدر ماتدخل في سياق أخر وهو الخرف او الزهايمر. فحين يكرر بايدن الفلوجة المدينة العراقية أكثر من مرة في سياق حديثه عن الحرب الأوكرانية يبدو الأمر أكبر من مجرد زلة لسان. وحين يتحدث عن صديقه الزعيم الصيني بينما المقصود رئيس الوزراء الهندي الذي زار اميركا مؤخرا فإن ذلك لايدخل في سياق زلة لسان عابرة بل خرف متقدم. بقي السؤال .. ماذا لو فاز بايدن في ولاية ثانية؟ بلا شك سيكون مادة دسمة للميديا والسوشال ميديا. فالعمر ليس دائما هو السبب بل عوامل أخرى. ليس فقط كيسنجر في الصورة. هناك الماليزي مهاتير محمد الذي عاد رئيسا للوزراء بعد أن حكم من قبل 22 سنة عاد وهو في عمر 93 وقدم قبل سنوات شهادته على العصر في قناة “الجزيرة” وقد تخطى عمر الـ 95 متذكرا أدق التفاصيل.ولم يزل ولا مرة واحدة.