بعد “السقوط المدوي” لحلب.. هذا ما حصل منذ العام 2017!
بغداد/ عراق أوبزيرفر
شهدت سوريا منذ اتفاق أستانا عام 2017 استقراراً نسبياً بعد سنوات من المعارك العنيفة التي كانت تشهدها البلاد بسبب المواجهات مع الجماعات المسلحة.
الاتفاق الذي رعته روسيا وتركيا وإيران نصّ على إنشاء مناطق خفض التصعيد الأربع، مما ساهم في تهدئة الأوضاع في العديد من المناطق التي كانت تشهد مواجهات مستمرة، إلا أن هذا الاستقرار لم يكن مطلقاً، فقد ظلت بعض المناطق في حالة من التوتر النسبي مع استمرار التحركات المسلحة.
وفي عام 2020، وبعد ثلاث سنوات من توقيع الاتفاق، أعلنت قوات الجيش السوري تحقيق سيطرة على مدن استراتيجية في ريف إدلب، مثل سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون، بالإضافة إلى مدن أخرى في أرياف حلب واللاذقية.
تلك المناطق، التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، تمثل مواقع استراتيجية نظراً لقربها من الطرق الدولية والمراكز الحيوية، وتُقدر أعداد المسلحين الذين كانوا يتواجدون في تلك المناطق بأكثر من 30 ألف مقاتل، مدعومين في الغالب من قوى إقليمية أبرزها تركيا.
في الأسبوع الماضي، وبعد الانهيار العسكري للجيش السوري وأنباء متداولة عن انقلاب داخلي، شنت الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا تحركاً مفاجئاً باتجاه مركزي حلب وإدلب، ما أدى إلى سيطرتها على العديد من المناطق خلال ساعات قليلة، هذا التطور أثار قلقاً واسعاً بشأن تداعياته على استقرار المنطقة ومستقبل العمليات العسكرية.
هجوم مضاد
ورداً على هذا التقدم السريع، شنّ الجيش السوري، بدعم من القوات الروسية، عملية عسكرية مضادة لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة، إذ يهدف التحرك السوري الروسي المشترك إلى إعادة التوازن الميداني ومنع تحقيق الجماعات المسلحة لأهدافها المتمثلة في السيطرة على الطريق الدولي الرابط بين حلب ودمشق.
وهذا الطريق يُعتبر شرياناً استراتيجياً يربط العاصمة دمشق بمناطق الساحل السوري، بما في ذلك طرطوس واللاذقية، ويمثل شرياناً مهماً للاقتصاد السوري ولحركة الإمدادات العسكرية واللوجستية.
وتهدف هذه التحركات الأخيرة إلى خلق واقع جديد على الأرض يعيد خلط الأوراق السياسية والميدانية. دعم تركيا للجماعات المسلحة يعكس رغبتها في تحقيق نفوذ أكبر في المناطق الحدودية، بينما تحاول روسيا من جانبها تعزيز سيطرة الحكومة السورية على المناطق الاستراتيجية لضمان استمرار نفوذها الإقليمي.
ويعيد هذا التصعيد الميداني التساؤلات حول مستقبل اتفاق أستانا ومدى قدرته على الاستمرار في ظل الأوضاع الراهنة، وفي الوقت الذي تحاول فيه القوى الدولية الحفاظ على صيغة التهدئة، يبدو أن الوقائع على الأرض تأخذ منحىً تصعيدياً يعيد المشهد السوري إلى الواجهة الإقليمية والدولية.