بغداد/ عراق أوبزيرفر
عاصفة من الجدل والأخذ والرد، أثارتها المقابلة الصحفية للمتهم الأول في قضية “سرقة القرن” نور زهير، الذي تحدث عن تفاصيل وخفايا قضية الأمانات الضريبية.
ولم يحضر نور زهير جلسة محاكمته التي كانت مقررة في الـ 14 من الشهر الجاري، وبسبب عدم حضوره، تأجلت إلى 28 من الشهر، ما أثار صدمة لدى الشارع العراقي، خاصة وأن عدم حضور المحاكمة يعد مخالفة قانونية واضحة.
وجاء ظهوره الإعلامي الأول في وقت حسّاس، باعتباره تزامن مع إجراءات محاكمته والغضب الشعبي مما يحصل، حيث فتح هذا الظهور باب التساؤلات عن معايير العدالة في العراق، وهل يمكن أن تُتاح لجميع المتهمين فرصة الترافع بحيادية أو الظهور الإعلامي للدفاع عن نفسه إعلامياً، قبل الولوج إلى «معمعة» المحاكم وإجراءاتها الطولة.
ماذا قال زهير؟
في إجابته الأولى، قال نور المظفر: “أنا شخص ميسور الحال ومعروفين في البصرة، وأنا تاجر عملت مع والدي، ثم عملت مع وزارة التجارة والحكومة العراقية، وكنت آخذ عقود تجهيز بعض المواد التموينية، في 2006 و2007 و2008 و2009، لدي أملاك وأراضي وبناية وكل ذلك معروف لدى الناس”.
وأضاف “جاءنا شخص إلى شركة الصيرفة الخاص بنا في الكرادة، وأراد بيع صك أجنبي وبدأنا التفاوض معه، ولم يكن الصك مزورا، بل صادراً من الدولة، بقيمة 33 – 34 مليار وعمولتنا 13 مليار من قيمة 34 مليار، أخذنا الصك إلى البنك وجاء به رفض،
وقال لنا البنك تعالوا معنا إلى الدائرة الضريبية، حدث إشكال في صرف الصك، حيث ذهب ممثل الشركة الأجنبية إلى المدير العام، الذي أكد أن هذا الصك صحيح لكن هذه الشركة الأجنبية عليها أن تفتح حساب مصرفي، لكي ينزل المبلغ في حسابها ثم تسحبونه أنتم منها، ونحن كنا قد دفعنا دفعة “لصحاب الصك” بـ5 مليار دينار”.
أكثر من 100 صك
وتابع زهير “قالوا لي بعد الضغط، أن القانون يجيز أن تتنازل الشركة لأجل شركتك، وهذا كان أفضل، ذهبنا إلى الضريبة وتم التنازل ومشت الإجراءات وحصلنا على الصك باسمنا، وقدمناه إلى المصرف، وصرفوه لنا، وسألنا مدير المصرف عن الصك قبل صرفه قال إن هذا الصك والمعاملات مدققة من هيئة النزاهة ولها كتاب من الهيئة، وليست فيها مشكلة”.
ويمضي زهير في حديثه قائلاً: “نفس الشخص مرة ثانية، وبصك بمبلغ أكبر، هذه المبالغ ليس فيها دينار واحد للدولة، الدولة تفرض 3% ضريبة على الشركات الأجنبية النفطية وغيرها، لكن الحكومة تأخذ 5% تبقى في خزينة الدولة، احتياط في حال وجود غرامات وغيرها، وعند انتهاء المشروع تعود لتتحاسب، والأموال تكون منتهية من العقود لتتحاسب، والمدقق القانوني يتولى الموضوع ويأتي بصك في ذلك”.
وبشأن عدد الصكوك، قال إن “هنالك أكثر من 100 صك لدينا فلكل 10 مليارات صك”، مشيراً إلى أن “المدعو “كمبيز” هو وكيل شركة ومثبتة وكالته في القضية، وهو الممثل القانوني”.
وجدد زهير نفيه، بأن تلك الأموال “ليست سرقة للأمانات الضريبية، بل هي كذبة الأمانات الضريبية، أنا مجرد صراف لا أكثر، بعد أن يكملها المدقق القانوني من الشركة وأنا الأخير، لكنني اليوم دفعت النقود مرتين، فعند إحضار الصكوك أنا دفعتها واليوم الدولة تريد مني أيضاً”.
ولفت إلى أن “هناك 6 – 7 أسماء كوكلاء موجودين في القضاء بالإضافة إلى “كمبيز”، ابتعدت عن الإعلام بسبب قضية أن أحد أصحاب القنوات دخل بيتي وأخذ 3 مليون دولار، وزادوا على الكلام”.
ابتزاز النواب
وعند سؤاله عن تعرضه إلى الابتزاز، قال زهير، إن “القضية كلها عبارة عن ابتزاز من النواب.. فمنهم من طلب منزلا وغيرها وحدث ولا حرج، حيث حصل معي ابتزاز قذر، من فبركة صوت إلى فيديوهات وكلام غير صحيح، وأخرجونا سراقا”.
وأضاف أنه “كدليل على أن هذه ليست أموال دولة، فرئيس هيئة النزاهة قال فلتأتي الشركات لتشتكي، وتأخذ حقها، ليس هنالك مشتكي من الشركات” .
تداعيات الظهور
وانقسم الجمهور العراقي، بين مؤيد لظهور زهير ومعارض له، باعتباره خرج بكفالة من السجن ولا يحق له الظهور، واستمالة الرأي العام، غير أن الخبير القانوني علي التميمي.
وقال التميمي لوكالة “عراق أوبزيرفر” إنه “يحق له ذلك لانه مكفل وليس محكوم، والقاعدة تقول إن المتهم بريئ حتى تثبت ادانته، وفق المادة ١٩ دستور والمادة ١٢٣ من الأصول الجزائية”.
وأضاف أنه “لا يوجد نص قانوني يمنع الشخص المكفل من الظهور الاعلامي المتاح للجميع وفق المواد ١٩ و٢١ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق العهد الدولي تباعا”.
وسرقة الأمانات الضريبية المعروفة بـ «سرقة القرن»، المقدّرة مبالغها بنحو 2.5 مليار دولار، على أقلّ تقدير، حيث رآها اقتصاديون ونواب وجهات رسمية، دليلاً على تغول الفساد بشكل كبير، وقدرته على انتزاع أكبر حجم من الأموال دون الاكتراث لأي إجراءات، بالرغم من التشديد الحاصل في الكثير من المفاصل.
والمتورطون في هذه السرقة، هم شبكة واسعة من رجال أعمال وسياسيين بارزين ومسؤولين في الدولة، عُرفت وكُشفت أسماء بعضهم، وكان على رأسهم نور زهير، وأحاط الشك بهيثم الجبوري النائب والمستشار الحكومي السابق؛ شك سرعان ما تأكد لاحقاً.