
بغداد/ عراق أوبزيرفر
أثار نشر تسجيلات صوتية نُسبت إلى زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، موجة من الجدل في الأوساط الشعبية والسياسية العراقية، وسط تحرك نيابي لرفع دعاوى أمام القضاء، في حادثة لم تكن هي الأولى من نوعها.
وتضاربت الآراء بين من رأى في هذه التسريبات وسيلة لتشويه السمعة وتقويض المكانة السياسية، وبين من اعتبرها مؤشراً على مواقف خفية تمسّ العلاقات الإقليمية وتؤثر على معادلات القرار الوطني، بشكل عام.
ونفى الخنجر صحة التسجيلات، واصفاً إياها بأنها “حملة منظمة” تستهدف إضعاف التحالفات الانتخابية وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية، كما استغل خصومه السياسيون هذه التسريبات لتوجيه اتهامات له باللعب على أوتار الانقسام” خدمةً لأجندات حزبية ضيقة.
من جانبه أكد القيادي في الإطار التنسيقي عصام شاكر، أن التسجيل الصوتي لخميس الخنجر يدل على مخطط خطير يهدد منظومة الأمن القومي العراقي.
وقال شاكر في تصريح صحفي، إن “التسريب الذي يبين ما قاله خميس الخنجر من أفكار ورؤى ومخططات له أبعاد تضرب منظومة الأمن القومي العراقي، وتكشف عن نوايا سوداء تحاول قلب الواقع العراقي الذي يسير باتجاه ديمقراطي يعطي لكل المكونات استحقاقها من خلال صناديق الاقتراع”.
وانعكس هذا الجدل على الشارع العراقي، حيث أعاد تأجيج الخلافات والتنابز عبر مواقع التواصل، في وقتٍ يعاني فيه المشهد السياسي أصلاً من توتر واستقطاب حاد، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
النعرات الطائفية تعود
بدوره أكد رئيس المركز العراقي في واشنطن نزار حيدر، أن “النعرات الطائفية التي تُستخدم كأداة دعاية انتخابية في العراق تشكل تهديدًا خطيرًا لاستقرار البلاد “مشيرًا إلى أن “هذه الظاهرة لا تزال تزداد في كل مرة تقترب فيها الانتخابات النيابية”.
وقال حيدر لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “الزعامات السياسية تستخدم هذه الإثارات الطائفية كوسيلة سهلة لكسب ثقة الناخبين، خاصة عند اقتراب الانتخابات، حيث يتم تحشيد الخوف لدى الناخبين للحفاظ على ولائهم لمؤيديهم، حيث أن هذه الأساليب تحاول إقناع المواطنين بأن المكونات الطائفية ستنهار أو تختفي من البلاد إذا تم التخلي عنها، وهذه الممارسات لا تقتصر على فئة سياسية دون أخرى، بل يتم استخدامها من قبل الجميع في حملاتهم الانتخابية”.
وأشار إلى أن “فشل الزعامات السياسية في تحقيق إنجازات حقيقية يفسر لجوءهم إلى استغلال هذه الإثارات الطائفية أو حتى العشائرية في حملاتهم، وذلك بدلًا من تقديم برامج حقيقية تعتمد على قيم الدولة وثوابتها ومؤسساتها، وهذا الفشل في تحقيق الإنجازات يوضح فقدانهم للرصيد الشخصي في أعين الناخبين، مما دفعهم إلى الاعتماد على رصيدهم الطائفي والمناطقي”.
ولفت إلى أن “النعرات الطائفية والعنصرية لا تزال تهيمن على العقلية الجمعية في المجتمع العراقي “مشدداً على أن “المجتمع العراقي بحاجة إلى تغييرات حقيقية لتجنب العودة إلى المربع الأول، حيث أن القوانين والدساتير وحدها لا تستطيع مواجهة هذا التحدي الكبير”.
وحول ما إذا كانت الصراعات التي طفت إلى السطح مؤخرًا في المشهد السني، بالتزامن مع إعلان تصفية الملف القضائي لمحمد الحلبوسي، تهدف إلى تفريغ الساحة من الخصوم الأقوياء وتمكين الحلبوسي من الانفراد بالقرار السياسي،
رأى حيدر أن “الصراع بين الحلبوسي والخنجر صراع وهمي، أساسه المصالح ولا يرتقي إلى مستوى الصراع الجاد أو الاستراتيجي”.
واعتاد الشارع العراقي على هذا النمط من الخطاب السياسي، حيث يعود الخطاب الطائفي مع اقتراب كل استحقاق انتخابي ليزيد من وتيرة الاستقطاب ويعمّق الانقسامات المجتمعية، وسط غياب واضح للأصوات المنادية بوقف هذا الانحدار الطائفي وتغليب منطق المواطنة الجامعة على حساب الانتماءات المذهبية والمناطقية.