عربي ودولي

“جحيم من صنع الإنسان”.. طبيب كندي يصف الوضع في غزة

غزة/ متابعة عراق أوبزيرفر

قال طبيب العيون وجراح التجميل الكندي ياسر خان، الذي غادر غزة أخيرا، إن القطاع “جحيم من صنع الإنسان على الأرض في الوقت الحالي”.

وبحسب تقرير نشره موقع “ذا إنترسبت” الأمريكي، فرضت القوات الإسرائيلية حصاراً متكرراً على مرافق المستشفيات في غزة، ما أدى إلى مقتل المئات من العاملين في المجال الطبي وأسر عشرات آخرين، رغم لجوء آلاف الفلسطينيين النازحين داخلياً إلى مجمعات الرعاية الصحية”.

وذكر التقرير أنه “نتيجة للهجمات الإسرائيلية على المرافق الطبية في القطاع، لم يتبقَ في المنطقة سوى مستشفى واحد يعمل بكامل طاقته، هو المستشفى الأوروبي في خان يونس”.

وأضاف أن الطبيب ياسر خان أمضى في غزة 10 أيام لإجراء عمليات جراحية لضحايا الهجمات الإسرائيلية.

قنابل لا تتوقف

ووثّق الموقع شهادة طبيب العيون الكندي، وأهوال الحرب التي رآها في القطاع، إذ يقول إنه “لا يريد أن يراها مرة أخرى”.

ويقول الطبيب حسبما نقل عنه الموقع: “أنت لا تخطط أبدًا للذهاب إلى منطقة مثل غزة، وللدخول إلى القطاع يجب أن تحصل على موافقة منظمة الصحة العالمية، والسلطات الإسرائيلية، والسلطات المصرية، وهكذا دخلت أولاً”.

وتابع: “عندما كنت أقود سيارتي ليلاً كنا السيارة الوحيدة على الطريق، وكان الظلام دامسًا لأنه لا يوجد وقود ولا كهرباء، لكنني لم أشعر بسعادة أكبر من أي وقت مضى عندما رأيت علامة الطوارئ في المستشفى، وذلك عندما علمت أنني وصلت”.

وأشار خان إلى أن “أول شيء لاحظه في ذلك الوقت في خان يونس كان مستشفى ناصر، الذي كان يعمل وقتها، ومستشفى غزة الأوروبي، وكانا يعملان بكامل طاقتهما في ذلك الوقت”.

وأضاف: “كنت أسمع أزيز الطائرات الإسرائيلية دون طيار لمدة 24 ساعة، وهو صوت لم يختفِ أبدا، وهي طائرات يمكنها إطلاق الصواريخ وإطلاق النار، والصوت الآخر الذي سمعته صوت القنابل التي تسقط كل ساعة أو كل ساعتين أو ثلاث ساعات؛ كان هناك مثل هذه القنابل التي من شأنها أن تهز كل شيء”.

وأردف خان: “كان حوالي 20 ألف شخص قد لجؤوا إلى المستشفى وخارجه دون وجود خيامن بل ملاجئ مؤقتة، وكان هناك حمام واحد في ذلك الوقت يتسع لنحو 200 شخص، وكان عليهم أن يتقاسموه، وفي الداخل تم أيضًا تحويل ممرات المستشفى إلى ملاجئ، لم يكن هناك أي مكان للمشي، وكان هناك أطفال يركضون في كل مكان”.

وتابع: “ما رأيته بنفسي بالفعل كان أسوأ مما أتخيل، لقد رأيت مشاهد مروعة لم أشهدها من قبل ولا أريد رؤيتها مرة أخرى أبدًا”.

وأشار الطبيب إلى أنه كان محبطًا للغاية، مضيفا: “أصبحت الأمور أسوأ بكثير مما كانت عليه بعد أن تم حرفيا تدمير خان يونس، عقب أن كانت مدينة نشطة وصاخبة، كما تم تدمير مستشفى ناصر، لقد تحوّل إلى منطقة موت فيما ترى الجثث المتحللة في المستشفى”.

وشدد على أنه “وبينما يستغرق بناء مستشفى رئيسي يعمل بكامل طاقته سنوات عديدة حتى يكتمل ويبني ويعالج، فإن تدميره في ساعات قليلة يعد مأساة محضة وأمرا مؤسفا حقًا”.

هجوم على النظام الصحي
وأضاف الطبيب خان أن “الكوادر الطبية تعمل يوميًا على علاج أفظع وأشد الصدمات التي لم يسبق لك أن رأيتها على الإطلاق، إنهم أيضا يجرون في بعض الأحيان 14 أو 15 عملية بتر يوميا، معظمها لأطفال، وهم يقومون بذلك منذ ستة أشهر”.

وتابع: “كانت لدي فتاة فقدت جميع إخوتها، وهي فتاة جميلة تبلغ من العمر 8 سنوات، لقد جاءت لتلقي العلاج بسبب كسر في ساقها، بعد أن ظلت تحت الأنقاض 12 ساعة، وقد توفيت والدتها، وكذلك كل أهلها، عماتها وأعمامها”.

وأضاف أنه شاهد هذه الطفلة وبجانبها جدتها وخالتها الميتتين، والمستلقيتين بجانبها لمدة 12 ساعة.

وعند سؤاله عن قيام الجيش الإسرائيلي بخطف الأطباء والممرضات وغيرهم من العاملين في المجال الطبي، وإخضاعهم للتعذيب، أجاب الطبيب الكندي بالقول: “لقد كان هذا هجومًا منهجيًا ومتعمدًا على نظام الرعاية الصحية، والأغرب من ذلك كله أن الساسة الإسرائيليين لم يخفوا ذلك”.

وقال: “لقد تم تجريد مساعد مدير المستشفى من ملابسه وضربه أمام جميع العاملين الآخرين في المستشفى فقط لإهانته والحط من شأنه لأنه رئيسهم. لقد كانوا يضربونه ويركلونه ويسبونه، وقد شهد الجميع ذلك، وقد فعلوا ذلك عمدًا أمام العاملين”.

وعن عمليات البتر التي أجراها، أكد الطبيب أن “معظم عمليات البتر تُجرى في نقاط الضعف، مثل المرفق أو الركبة، وبالتالي يتم تحملها بشكل أفضل، لكن عمليات البتر جراء الشظايا تحدث في منتصف الفخذ ومنتصف الذراع، وهو أمر أكثر صعوبة وأكثر إيلاما، كما أن إعادة التأهيل بعد عمليات البتر أكثر صعوبة أيضًا”.

وأشار إلى أن “هناك شظايا في العين، وبسبب حصار المساعدات وبسبب الدمار الذي لحق بمعظم غزة، لا توجد معدات متاحة لإزالة الشظايا الموجودة في العين، ولذلك نتركهم بمفردهم وفي النهاية يصابون بالعمى”.

وتابع: “رأيت هذه الإصابات في الوجه، ورأيت أطراف الأطفال تتدلى كما رأيت جروحًا في البطن، حيث كانت الأمعاء مكشوفة بالطبع، والمشكلة هي أن غرفة الطوارئ لا يتوفر فيها مكان، فهم في كل مكان على الأرض، وأحياناً يتم نسيانهم وسط الفوضى الجماهيرية”.

وحذر الطبيب قائلا: “شيء واحد نحتاج أيضًا إلى التحدث عنه أكثر، يتعلق بما يفعله الإسرائيليون، وهو قتل الثقافة والحضارة في غزة، ومحوها بشكل كامل، وهو جزء من تعريف الإبادة الجماعية”.

وختم الطبيب الكندي بالقول: “إذا حدث الاجتياح الإسرائيلي لرفح فسيكون كارثيا. علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لمنع حدوث ذلك، وأن نمارس كل ما في وسعنا من ضغوط على سياسيينا، وعلى السلطات، لمنع حدوث ذلك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى