عراق أوبزيرفر/ بغداد
مع تصاعد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في العراق، برزت ظاهرة جديدة وغير مألوفة، تمثلت بتحول عدد من منتسبي الجيش العراقي إلى ما يمكن وصفه بـ”التكتيكوكرية” في الساحات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الظاهرة، التي تشير إلى تكتيك جديد للتعبير عن المطالب عبر ارتداء زي الجيش والظهور للحديث عن المعاناة وما يواجهه المنتسبون، أثارت تساؤلات جدية حول أوضاع المنتسبين ودور القيادة في معالجة أوضاعهم.
وأصبح منتسبو الجيش الذين يواجهون تحديات يومية على الجبهات، يشعرون بالإهمال في تلبية حقوقهم الأساسية، مثل الرواتب التي تتأخر، أو تُقتطع بعضها لأسباب متعددة، فضلاً عن الظروف المعيشية القاسية داخل الوحدات، حيث تتراكم المشكلات التي دفعت هؤلاء المنتسبين إلى الخروج عن المألوف للتعبير عن مظالمهم.
وظهر مؤخراً عدد من الجرحى الذين أصيبوا في المعارك التي خاضها الجيش العراقي ضد الإرهاب، وهم في وضع صحي حرج، يناشدون الجهات المعنية التدخل لتوفير العناية الطبية اللازمة.
وهؤلاء الجرحى، الذين قدموا أغلى ما لديهم دفاعاً عن الوطن، يتضح أنهم عانون من إهمال في تقديم الرعاية الصحية، حيث يفتقر الكثير منهم إلى الأدوية الأساسية، فضلاً عن تأخير العمليات الجراحية التي تحتاج إلى تدخل سريع.
تآكل الثقة
من ناحية أخرى، تأتي هذه الظاهرة كإشارة إلى تآكل الثقة بين الجنود ووزارة الدفاع، التي تُعد الجهة المسؤولة عن ضمان حقوقهم وحمايتهم من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
والسؤال الذي يطرحه كثيرون هنا: أين هو دور وزير الدفاع؟ لماذا غابت الحلول العملية عن الملفات الشائكة التي تواجه الجيش؟ لكن الردود تأتي أحياناً بشكل وعود فضفاضة لا تصل إلى أرض الواقع.
ويُضاف إلى ذلك التأثيرات السلبية على صورة الجيش في أعين المجتمع، فالظهور المستمر لمنتسبي الجيش وهم يطالبون بحقوقهم في أماكن عامة قد يترك انطباعاً لدى البعض بأن المؤسسة العسكرية أصبحت مفككة، وهو ما يعزز الحاجة الملحة إلى إجراءات حاسمة من وزارة الدفاع لاستعادة ثقة أفرادها وضمان كرامتهم، سواء كانوا في الخدمة أم خارجها.
وتصاعدت المطالبات مؤخراً، بتحسين ظروف المنتسبين، عبر فتح قنوات حوار مباشرة معهم، وإعادة النظر في آليات توزيع الموارد وتفعيل دور النقابات العسكرية – إن وجدت –.
وتساءل مدنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن سبب انشغال الوزير ثابت العباسي عن المنتسبين في ظل المناشدات التي تخرج بين الحين والآخر.
ويواجه العباسي الاستجواب تحت قبة البرلمان العراقي، من قبل أعضاء لجنة الأمن والدفاع، إثر اتهامات خطيرة تتعلق بفساد مالي وإداري في وزارته، مما أثار تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الاتهامات على المؤسسة العسكرية العراقية وأمنها.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، صلاح زيني، الأحد الماضي، إن استجواب وزير الدفاع بات ضرورة ملحة، حول ملفات فساد خطيرة تتجاوز العشرين ملفًا ، مؤكداً أن استجواب الوزير سيقدم في الجلسة المقبلة .
والملفات التي تلاحق الوزير الذي يوصف بأنه “مترف” تشمل اتهامات تتعلق بتجاوزات مالية وإدارية أثرت سلباً على قدرات الجيش العراقي، وتسببت بأضرار جسيمة في المؤسسة العسكرية.
وواجه العباسي مؤخراً انتقادات شعبية تركزت على غياب الوزير عن المشهد الأمني في وقت تعاني فيه البلاد من تهديدات مستمرة واحتياجات ملحة لمتابعة الملفات الأمنية الساخنة، إذ عبر مواطنون عن استغرابهم من جولات الوزير الأخيرة، والتي يعتبرها البعض بعيدة عن الأولويات في ظل الأوضاع المتأزمة.