بغداد/ عراق أوبزيرفر
من الواضح جداً أن العراق السياسي في العراق، ليس موحداً تجاه أزمة وجود القوات الأجنبية، وهناك تباين كبير في المواقف والرؤى، وطبيعة التعامل مع هذا الملف، وهو يشي بصعوبة التوافق على مسار محدد، يمكن أن يُنجي البلاد من براثن الأزمات المتلاحقة.
وأفضت جلسة البرلمان العراقي، التي عقدت مساء السبت، بطلب من قوى الإطار التنسيقي الحاكم، التي سعت لتشريع قانون لإخراج القوات الأجنبية، إلى توجيه دعوة إلى الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءات دبلوماسية لحماية سيادة البلاد.
ولم تكن مخرجات الجلسة بالمستوى الذي أرادته القوى التي سعت لعقدها (الإطار)، والتي جمعت توقيعات لأكثر من 100 نائب، من أجل عقد جلسة استثنائية للبرلمان، لتشريع قانون جديد وتفعيل قرار البرلمان السابق القاضي بإنهاء الوجود الأجنبي في البلاد، وسعت تلك القوى لحضور فاعل في الجلسة، حتى أن حركة “عصائب أهل الحق” عدّت حضور الجلسة “واجباً شرعياً”.
وأحال رئيس مجلس النواب بالنيابة، محسن المندلاوي، طلباً برلمانياً لاخراج القوات الأجنبية من العراق الى اللجنة القانونية والأمن والدفاع البرلمانيتين، فيما دعا الحكومة أيضاً الى تنفيذ قرار برلماني سابق قبل 4 أعوام يتضمن اخراج هذه القوات وإنهاء مهامها في البلاد، في الجلسة التي حضرها أكثر من 85 نائباً.
وأثار عدم حضور القوى السنية، جدلاً واسعاً، وتساؤلات عن رؤيتها حيال هذا الملف.
وقال النائب عن تحالف الفتح فالح الخزعلي إن “النواب الكرد والسنة يخالفون الدستور العراقي بعدم موافقتهم على تشريع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق”.
موقف سني
بدوره، يقول قيادي في حزب تقدم، لوكالة “عراق أوبزيرفر” إن “إخراج الوجود الأجنبي وتحقيق السيادة الكاملة أمر مطلوب ومستحسن بالنسبة للعراقيين الذين لا يقبلون بوجود الأغراب في بلادهم، لكن ما يحدث في العراق أمر معقد، وهو بحاجة إلى إنضاج قرار وطني، بالتوافق مع بلدان التحالف الدولي، بما يضمن اجراءات سليمة وسلسلة، تنتهي لصالح البلاد، واستقراره”.
وأضاف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “الوجود الأمريكي في العراق، هو بدعوة من الحكومة العراقية، وعليها تولي هذا الملف، وعدم السماح للمزايدات السياسية، التدخل بهذه الطريقة الفاضحة، باعتبار أن الأمر فني، ويتعلق في جاهزية القوات العسكرية العراقية لتولي الملف، خاصة في ظل التهديدات التي تحدق بالبلاد، ووجود تنظيم داعش”، لافتاً إلى أن “التخبيص السياسي أمر غير مستحسن في مثل تلك المواقف، وينبغي تدخل العقلاء ومراجع الدين، وأهل الحكمة والوجهاء الاجتماعي، لتطويق الأزمة، والخروج بموقف وطني شامل”.
رفض كردي
وفي لقائه الأخير، مع شبكة “NBC” الأمريكية، قال إن “طبيعة التهديدات في المنطقة تغيّرت، مؤكداً في الوقت نفسه أننا بحاجة إلى بقاء الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي في إقليم كردستان”.
وأضاف بارزاني “نحن بحاجة إلى المزيد من المساعدة الأمريكية، ونحن هنا لا نعني أننا بحاجة إلى المزيد من القوات، لا، بل نحن بحاجة إلى المزيد من القدرات العسكرية، لرفع مستوى الامكانيات العسكرية لدى قوات البيشمركة، ليس للدفاع عن شعبنا فحسب، بل لحماية كل من يعيش في إقليم كردستان”.
وأكد أن “طبيعة التهديدات تغيّرت، ونعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من المساعدة من النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية، لأن التحديات التي نواجهها حالياً تختلف عن تهديدات داعش التي واجهناها معاً، ونتوقع تلقي المزيد من المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية”.
وفي ظل هذا التباين بين القوى والأحزاب العراقية، حول التعامل مع هذا الملف، يبدو أن الأمور تتجه نحو المزيد من التعقيد والتوترات، ما يعني أن المستقبل يحمل الكثير من الأحداث المتسارعة.