العراقالمحررتحليلاتخاص

حينما يصبح الموقف مكلفاً.. كيف أسست “عراق أوبزيرفر” لنهج صحفي شامل في عامها الرابع

بغداد/ عراق أوبزيرفر

في عامها الجديد، لا تبحث “عراق أوبزيرفر” عن التصفيق، ولا تنتظر من أحد شهادة حسن سلوك مهني، فالمنصة التي نشأت في غمرة الظلام الإعلامي، تطمح أن تكون جزءًا من المشهد، ومرآةً له.

ثلاث سنوات مضت، كان فيها العمل أشبه بالسير على الحد الفاصل بين الجرأة والمجازفة، حيث لا رفاهية في اتخاذ القرار، ولا ضمانات عند النشر، لكن طاقم التحرير يؤمن بأن الأسئلة التي لا تُطرح هي التي تُخفي الحقيقة، وأن الصمت لا يصنع صحافة، بل يكرس مبدأ التجاهل والغفلة.

ما هو الصوت المزعج
وفي مؤسسات كثيرة، ينتج الخبر كما تنتج البيانات سريعة، متوقعة، ومُهندسة كي تمرّ بسلام، أما هنا، فالخبر ليس نتيجة، بل بداية لمسار، كل معلومة تقلب، وكل تصريح يُختبر، وكل قضية تُفكك قبل أن تُروى، وهو نهج لم يكن سهلاً، لا من حيث الجهد ولا من حيث التبعات.. بعض المواد أثارت ارتباكاً داخل دوائر رسمية، وأخرى دفعت أطرافًا إلى التصريح دون رغبة، أو الصمت عندما لم يعد النفي ممكنًا، ما “عراق أوبزيرفر” فلم تعلق على الصدى، لأنها لا تسعى له، ولا تعتبره معيار نجاح، لكنها تدرك أن الصوت الذي يُزعج، هو الصوت الذي يجب أن يبقى.

ولم يكن العمل في هذه الوكالة يومًا وظيفة تقليدية.. فهنا لا ينتظر المحرر التوجيه، بل يصنعه، ولا يبحث عن قصة مريحة، بل عن القصة التي يفضّل الآخرون ألّا تُكتب. وفي كل مرة يُقرَّر فيها نشر مادة حساسة، يبدأ فصل جديد من التدقيق والمراجعة والتأكد، ليس فقط من المعلومة، بل من السياق والنية والمسؤولية المهنية، فحين تكون المؤسسة مستقلة بالكامل، تكون المساءلة داخلية، والمحرر فيها قاض وصحفي في نفس الوقت.

وكثيرا ما وضعت الوكالة أمام اختبارات صعبة، مثل مصادر مترددة، أو مستندات مثيرة، ومواضيع شائكة يصعب الاقتراب منها، لكن المبدأ كان ثابتاً، وهو أن لا ننشر إلا إذا كنا مستعدين للدفاع عن كل سطر، لا أمام الجمهور فقط، بل أمام المهنية.
وربما لهذا السبب تحديداً، لم تكن “عراق أوبزيرفر” يوما جزءاً من التجمّعات الإعلامية، ولا منسجمة مع “حلف التغطيات المشتركة”، ولا مرنة مع الجهات التي ترى الصحافة مجرد أداة للعرض لا للتنقيب.

الجمهور بات أكثر وعياً
ويرى الباحث في الشأن السياسي علي السامرائي، أن “المتلقي العراقي والعربي يواجه يومياً سيلًا من العناوين التي تبرز فجأة ثم تختفي دون أثر، وسط ضجيج منصات ووكالات تتعدد أسماؤها وتتنافس بأساليب تحريرية متفاوتة، وفي هذا الزحام، يبحث المتابع الواعي عن نموذج إعلامي يلامس اهتماماته ويعزز ثقته، وهو ما لا توفره إلا قلة نادرة من الجهات الإعلامية”.

وأوضح السامرائي في حديثه لـ”عراق أوبزيرفر” أنه “رغم ما تحظى به بعض الوسائل من تمويل ضخم، فإن كثيرًا منها عجز عن الحفاظ على جاذبية الطرح وعمق التأثير، إذ سرعان ما تخفت بريقها أمام تطلعات جمهور بات أكثر وعيًا بذوقه الإعلامي وحرصًا على القيم الصحفية الأصيلة”.

ولفت إلى أن “بروز وكالة عراق أوبزيرفر كحالة استثنائية، منحت المتلقي شعورًا بالطمأنينة والاتساق، وجعلت من متابعة الحدث العراقية تجربة خاصة، لا تحتاج إلى زخرفة أو استكمال”.

وفي العام الرابع، لا تنظر “عراق أوبزيرفر” إلى من سبقها، بل إلى ما لم يُكتب بعد، وهي لا تسأل كيف تكون مثل الآخرين، بل لماذا لم يكن أحد مثلها، وبينما يزداد الخط الفاصل بين الصحافة والتسويق ضبابية، تزداد هذه المنصة وضوحًا في طريقها، فكل سطر يُكتب بعين مفتوحة، وكل موقف يُتخذ مع مراعاة أن الاستقلال ليس شعاراً، بل كلفة يومية لا يتحملها سوى من قرر أن لا يخاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });