
بغداد/ عراق أوبزيرفر
يتصاعد الجدل في الأوساط السياسية والشعبية بشأن اتساع الفجوة بين الطبقة الحاكمة والمواطنين، نتيجة تراكم الثروات لدى كبار المسؤولين في الدولة، في وقت يشكو فيه غالبية السكان من تردي الخدمات الأساسية وغياب العدالة في توزيع الثروة.
ويثير هذا الواقع تساؤلات متكررة عن جدوى الرواتب والمخصصات المرتفعة التي يحصل عليها بعض المسؤولين، في ظل معاناة اقتصادية يعيشها الشارع العراقي منذ سنوات.
وتُعد مسألة تقليص رواتب كبار المسؤولين من أكثر القضايا التي تتجدد عند كل أزمة اقتصادية تمر بها البلاد، في ظل تصاعد المطالب بتقليص الفجوة بين الرواتب، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتخفيف العبء عن الموازنة العامة التي تعاني من أزمات متعددة ترتبط بالتوظيف السياسي للثروة.
ملك للمسؤولين
بدوره أكد النائب السابق مختار الموسوي أن “أملاك الوزراء والمسؤولين في العراق قد تعاظمت بشكل لافت”، مشيرًا إلى أن “الدولة أصبحت ملكًا للمسؤولين من مدير عام فما فوق، في وقت يعاني فيه الشعب من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء”.
وقال الموسوي لـ”عراق أوبزيرفر” إن “المسؤولين يعيشون في أبراج عاجية بينما يعاني المواطنون من شح المياه وانقطاع الكهرباء بشكل مستمر، ما يسبب أزمة في الحياة اليومية للمواطنين”.
وأضاف أن “العديد من المسؤولين يمتلكون مولدات كهربائية خاصة ومصادر مياه مستقلة، وهو ما يكشف عمق الفجوة الكبيرة بين الطبقة الحاكمة والشعب”.
وبحسب تقارير رسمية، فإن مجلس النواب وحده يكلف موازنة الدولة 581 مليار دينار سنويًا، من ضمنها 474 مليار دينار تُصرف كرواتب، إذ تشير الأرقام إلى أن كل نائب يكلف خزينة الدولة مليارًا و800 مليون دينار سنويًا، بمعدل شهري يبلغ 150 مليون دينار، ويومي يصل إلى 5 ملايين دينار.
ويُظهر تحليل بيانات وزارة المالية أن العراق ينفق قرابة 100 تريليون دينار سنويًا على رواتب الموظفين والمتقاعدين، يذهب منها ما لا يقل عن 40 تريليون دينار إلى كبار المسؤولين، ويُطلق على هذه الفئة تسمية “الدرجات الخاصة”، التي تضم نحو 6 آلاف موظف من أصل نحو 4 ملايين في عموم الدولة.
ويقول مختصون إن هذه التركيبة تعكس خللًا هيكليًا في السياسة الاقتصادية العامة، مشيرين إلى أن استمرار هذا النمط من توزيع الرواتب والثروات يخلق فجوة بين الدولة والمواطن، ويقوض الثقة بين المجتمع والمؤسسات الرسمية. كما أن تدفق الثروات باتجاه قمة الهرم الإداري من دون ربطه بالإنجاز أو الرقابة، يسهم في تعزيز ثقافة الفساد والمحسوبية، ما يجعل الإصلاح أمرًا صعبًا في ظل غياب الإرادة السياسية الجادة.