
بغداد/ عراق أوبزيرفر
لا يزال خيار الاستثمار في السندات الحكومية بعيداً عن اهتمام المواطن العراقي وتشكل خيارًا غامضًا وغير مألوف بالنسبة له، في ظل ضعف التوعية وغياب الثقة بالمؤسسات المالية الرسمية.
وتسعى الحكومة العراقية إلى سحب جزء من النقد المتداول بين المواطنين عبر طرح سندات حكومية، في إطار استراتيجية تهدف إلى امتصاص السيولة وتقليل الضغوط التضخمية، وهي آلية اقتصادية أثبتت نجاحها في العديد من الدول المتقدمة وحتى بعض دول المنطقة.
من جهته طالب مستشار رئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح، العراقيين بتنويع المحافظ الاستثمارية، بالاستثمار بالسندات الحكومية بدلاً من الذهب، وذلك من خلال المؤسسات المصرفية.
وقال صالح في تصريح صحفي، إن “الذهب المحلي يعد من أكثر ملاذات الثروة تأثراً بالعوامل الخارجية أو الدولية وصدماتها، لكونه سلعة يتم استيرادها من خارج البلاد، إذ تجاوز سعر الذهب عالمياً مستوياته القياسية متأثراً بالتوترات الجيوسياسية، خاصةً بين الولايات المتحدة والصين، أو ما يسمى الحرب التجارية.
ويرى مراقبون أن انتشار ثقافة السندات في العراق لا يمكن أن يتحقق دون دور فاعل تتولاه الحكومة، من خلال تبني حملات توعية شاملة وتقديم ضمانات واضحة تعزز ثقة المواطن بهذه الأداة المالية، حيث أن غياب التواصل الفعال وضعف الشفافية من أبرز العوائق التي حالت دون توسّع هذه الثقافة في السنوات الماضية.
تعزيز ثقافة الاستثمار
بدوره أكد الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه أهمية تعزيز ثقافة الاستثمار في السندات الحكومية كأداة فعالة لتحريك الاقتصاد وامتصاص التضخم”.
وقال عبد ربه لـ”عراق أوبزيرفر” إن “نشر الوعي حول السندات يتطلب استراتيجية متكاملة تعتمد على التوعية الإعلامية، وتسهيل الاكتتاب إلكترونيًا، وضمان الشفافية في العوائد وآجال الاستحقاق”.
وأضاف أن “العائد الحالي للسندات الذي يبلغ 8.5% يُعد جذابًا مقارنة بالودائع البنكية أو الاستثمار العقاري في بعض المناطق، لكنه ليس العامل الوحيد لاجتذاب المستثمرين، بل يجب أن يقترن بضمانات حكومية وبيئة اقتصادية مستقرة”.
وتابع عبد ربه “السندات تمتص السيولة الزائدة من السوق، مما يحد من الضغوط التضخمية والطلب على العملة الأجنبية، كما توفر للحكومة تمويلًا مستدامًا بعيدًا عن طباعة النقود أو التمويل بالعجز”.
وشدد على أن “تفعيل سوق ثانوي لتداول السندات سيزيد من سيولتها ويجعلها خيارًا استثماريًا آمناً بديلاً عن الادخار التقليدي أو المضاربة في العقارات”.
ولفت عبد ربه إلى أن “بناء الثقة في السندات الحكومية يحتاج إلى إدارة شفافة والتزام دقيق بمواعيد السداد، مما يشجع المواطنين على تبنيها كجزء من محفظتهم الاستثمارية”.
ويعاني العراق من مشاكل اقتصادية متراكمة، يعود جزء منها إلى التذبذب المستمر في أسعار النفط باعتباره المصدر الرئيس للإيرادات، فيما يرتبط الجزء الآخر بالخلافات السياسية التي كثيرًا ما تؤدي إلى تأخير إقرار الموازنة العامة، ما ينعكس سلبًا على الاستقرار المالي ويزيد من حالة القلق وعدم اليقين في البيئة الاقتصادية، سواء لدى المواطنين أو المستثمرين.