بغداد/ عراق أوبزيرفر
في الوقت الذي كانت المطالبات تعلو في الشارع العراقي، بشأن تعديل سلم الرواتب لإنقاذ الطبقات المسحوقة، فإن مجلس النواب العراقي، وبكل “صلافة” على وصف مراقبين، صوت في جلسة سرية على زيادة مخصصات أعضائه، وهو ما أثار موجة غضب عارمة في الشارع العراقي، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
القصة كشفت عنها كتلة اشراقة كانون “جزئيًا” حيث تحدثت عن عدم اطلاع النواب على الجداول التي يراد منها رفع رواتب النواب وكان هذا الامر سريًا، فيما لم تصدر أي معلومات او توضيحات بعد ذلك عن القصة.
وأظهرت وثيقة مسربة قرار زيادة المخصصات، حيث تم التصويت عليه بسرية تامة دون الإعلان عنه بشكل رسمي، كما أن التصويت لم يدرج في المحضر الرسمي الذي نشره موقع مجلس النواب على موقعه.
في خفايا هذه التعديلات، فإن مصدر نيابي، أكد لوكالة “عراق أوبزيرفر” أن “الأمر بتعلق بمواد عدة، وتحديداً امتيازات النواب، حيث تسعى رئاسة المجلس إلى إضافة حراس شخصيين للنواب”.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنه “التعديل تضمن أيضاً جعل هؤلاء الحراس مخصصين للنائب حتى بعد انتهاء دورته وخدمته في البرلمان”.
ورأى مراقبون أن هذا النوع من التلاعب، عندما يصدر من ممثلي الشعب، لا يُعد مجرد تجاوز للحدود الأخلاقية أو القانونية؛ بل هو انتهاك صارخ لأمانة المسؤولية التي حملها النواب على عاتقهم، وسط تساؤلات كيف يمكن لمن يُفترض أن يكونوا حماة للقانون أن يتحولوا إلى منتهكين له؟ وكيف يمكن لمن انتُخب ليمثل صوت الشعب أن يستخدم سلطته لخداع هذا الشعب؟.
بدورها، كشفت كتلة إشراقة كانون النيابية، كواليس قرار زيادة مخصصات أعضاء مجلس النواب، مشيرة إلى أن الكتلة اعترضت على تمريره.
وقال النائب عن الكتلة مصطفى الكرعاوي، في تصريحات صحفية إنه “خلال الجلسة الأخيرة لمجلس النواب طلبت رئاسة المجلس التصويت على إضافة فقرة تخص اتخاذ قرار نيابي بزيادة مخصصات أعضاء مجلس النواب”.
وتابع أن “كتله اعترضت على تمرير هذا القرار، كونه يأتي في ظل ظروف لا تسمح باتخاذ هكذا قرارات، ودعت إلى تمرير القوانين المهمة والمصيرية للشعب العراقي بدلاً من الذهاب نحو هكذا قرار”، مشيراً إلى أن “رئاسة مجلس النواب امتنعت على تزويد أي نائب بتفاصيل فقرات زيادة مخصصات أعضاء مجلس النواب، ولم نطلع حتى الآن على تفاصيل القرار”.
وعبر صفحته على “فيسبوك”، نشر الخبير المالي والاقتصادي نبيل المرسومي، وثيقة تتضمن بعض ما جاء في محضر قرار زيادة مخصصات مجلس النواب.
وكتب المرسوي منشوراً، ارفق معه نسخة من القرار قائلاً “على عناد الموظفين سلم جديد لرواتب اعضاء وموظفي مجلس النواب”.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، طُرحت أسئلة بمرارة: “كيف يمكن للبرلمان أن يبرر هذه الزيادة في وقت يتحدث فيه الجميع عن ضرورة تقليص الانفاق؟، ولماذا يتم التركيز على رفع مخصصات النواب بدلاً من تحسين الظروف المعيشية للمواطن العادي؟، وأليس من الأولى توفير هذه الأموال لتحسين الخدمات الأساسية التي يعاني منها العراقيون؟.
ولم يكن غضب الشارع العراقي مجرد حالة من الانتقاد العابر، بل تحولت إلى حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت العديد من الوسوم التي تعبر عن سخط المواطنين من هذه الخطوة، إذ اعتبر البعض هذه “سرقة علنية” لأموال الشعب.
وعند النظر إلى رواتب ومخصصات أعضاء مجلس النواب العراقي خلال السنوات العشر الماضية، نجد أن هناك تبايناً ملحوظاً بين تلك الرواتب والمخصصات وظروف الشعب.
وفي عام 2014، تم تحديد راتب النائب بحوالي 12 مليون دينار عراقي شهرياً، بالإضافة إلى مخصصات أخرى تشمل النقل والسكن والحمايات الشخصية. ومع مرور الوقت، ورغم الأزمات الاقتصادية التي مرت بها البلاد، لم تتأثر هذه الرواتب والمخصصات بشكل كبير، بل تم زيادتها تدريجياً بطرق غير معلنة.