
بغداد/ عراق أوبزيرفر
على وقع التصعيد الاقتصادي بين واشنطن وبغداد، يبدو أن الولايات المتحدة تسعى لفرض معادلة جديدة في العراق تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني المتزايد، وذلك عبر سلسلة من الضغوط التي تفرضها خاصة في الجانب الاقتصادي.
ولا تخفي الإدارة الأمريكية استراتيجيتها القائمة على استخدام الضغط الاقتصادي كأداة للتأثير على بغداد، حيث اتبعت واشنطن هذا النهج في دول أخرى سابقاً، عندما استخدمت العقوبات المصرفية لإضعاف النفوذ الإقليمي لإيران، واليوم تُطبّق السياسة نفسها في العراق، وسط قناعة متزايدة بأن بغداد أصبحت امتداداً للنفوذ الإيراني في المنطقة.
وبعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، تباينت البيانات الرسمية بين المكتب الإعلامي للسوداني، والسفارة الأمريكية في بغداد حول مضمون الاتصال إذ اختلف المضمون من حيث جزئية “الحد من النفوذ الإيراني” التي غابت عن بيان السوداني بينما ظهرت بوضوح في بيانات والسفارة.
وتوقع النائب مشعان الجبوري، اليوم الأربعاء، عقوبات أمريكية على العراق وضغوطاً ستؤثر على مستقبل النظام السياسي فيه، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وحكومته ليسوا في موقع يسمح لهم بتحرير العراق من قبضة إيران.
بدوره، أكد الأكاديمي والباحث في الشأن الاقتصادي علي دعدوش، أن “العقوبات التي قد تفرضها وزارة الخزانة الأمريكية ستنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني، حيث ستؤدي إلى تقليص دور المصارف وشركات الدفع الإلكتروني في دعم عمليات الاستيراد وتحويل العملات الأجنبية”.
وأوضح دعدوش لـ”عراق أوبزيرفر” أن “الحد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على مدى قدرة النظام المصرفي على تأمين احتياجات العراق من السلع والخدمات المختلفة”.
زيارة شاخوان عبدالله لواشنطن
وتعتمد الحكومة العراقية بشكل رئيسي على الدولار الأمريكي في معاملاتها المالية، ما يجعل فرض أي قيود سبباً مباشراً لاضطراب الأسواق وزيادة الضغوط على بغداد لتأمين احتياجاتها النقدية، خصوصاً في ظل اعتماد العراق على الاستيراد لتوفير نسبة كبيرة من احتياجاته الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية والمعدات الصناعية.
وجاءت زيارة شاخوان عبد الله إلى واشنطن كجزء من مساعي الولايات المتحدة لإيصال رسائل واضحة إلى الحكومة العراقية، بأن العقوبات لن تتوقف عند هذا الحد، وأن المرحلة القادمة قد تشهد إجراءات أكثر صرامة تستهدف البنية المالية العراقية.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه الإدارة الأمريكية عن تفاصيل إضافية بشأن خططها المستقبلية تجاه العراق، إلا أن المؤشرات الحالية توحي بأن الضغوط الاقتصادية ستتواصل وربما تتخذ أشكالاً أشد تأثيراً، خصوصاً إذا استمرت بغداد في اتباع سياسات لا تتماشى مع المصالح الأمريكية.
وبينما ترى واشنطن أن الضغط الاقتصادي هو الوسيلة الأمثل لإضعاف النفوذ الإيراني في العراق، تبقى بغداد أمام اختبار صعب للتعامل مع هذه المعادلة المعقدة دون المساس بسيادتها أو زعزعة استقرارها الاقتصادي.