
بغداد/ عراق أوبزيرفر
أثار الطلب النيابي بتحويل قضاء الزبير إلى محافظة مستقلة موجة من الجدل والتحذيرات من تداعيات تقسيم البصرة إلى محافظتين، خاصة أن الزبير يتمتع بموارد اقتصادية استراتيجية، تشمل النفط والزراعة والمنافذ الحدودية، إضافة إلى الموانئ والشركات الصناعية، كما أن مساحته الواسعة وموقعه الجغرافي المميز يجعلان منه ركيزة أساسية في اقتصاد المحافظة.
وكان النائب عن محافظة البصرة رفيق الصالحي اعلن في مؤتمر صحفي عن حصول موافقة رئيس مجلس النواب لرفع مستوى قضاء الزبير إلى محافظة لانتشالها من الحرمان والاهمال علما أن قضاء الزبير يغذي موازنة العراق الاتحادية بنسبة ( ٨٦ ) %.
صراع نفوذ
بدوره أكد المحلل السياسي عبد الغني غضبان أن “المطالبة بجعل قضاء الزبير محافظة مستقلة يرتبط بوجود رفض سياسي وبرلماني لهذا المقترح، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تقليل نفوذ المحافظ الحالي أسعد العيداني، الذي قد يستفيد انتخابيًا من بقاء المحافظة بشكلها الحالي، حيث تتيح له مساحتها الواسعة كسب مزيد من الأصوات سواء في الانتخابات البرلمانية أو في مجالس المحافظات المستقبلية”.
وقال غضبان لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “هنالك بعض الأقاويل تتحدث عن احتمال تحالف العيداني مع رئيس الوزراء، ما يزيد من حساسية الموضوع داخل المشهد السياسي”.
وأضاف أن “من أسباب ظهور دعوات تقسيم البصرة، فهو مرتبط بتطورات الملف الكردي، حيث أن المطالبة بجعل الزبير محافظة جاءت كرد فعل سياسي على مطالبة المكون الكردي بتحويل حلبجة إلى محافظة رابعة ضمن إقليم كردستان”.
وتابع أن “هذه التوجهات تعكس حالة التناحر السياسي بين المكونات، حيث تسعى كل جهة إلى عرقلة مطالب الأخرى، بدلاً من التركيز على تحقيق المصالح الوطنية العامة”.
العيداني يرفض
وقوبلت هذه الدعوات بالرفض من بعض النشطاء السياسيين في المحافظة، حيث اعتبروا أن هذا المطلب سيؤدي إلى تقسيم المحافظة إلى قسمين، في حين اعترض العيداني على فكرة تقسيم المحافظة.
وأكد محافظ البصرة، أسعد العيداني، رفضه لأي محاولات تهدف إلى تحويل قضاء الزبير إلى محافظة مستقلة، مشددًا على أن البصرة وحدة إدارية وتاريخية متكاملة لا يمكن تجزئتها.
وقال العيداني “اطلعت على وثيقة وقعها بعض النواب تدعو لجعل قضاء الزبير محافظة، وإذا كان الأمر سيتم وفق الإجراءات القانونية، فهذا حق مشروع، لكن السؤال الأهم: هل يمكن اقتطاع البصرة من البصرة؟”.
وأضاف، “إذا تم فتح هذا الباب، فقد نشهد مطالبات بتحويل أقضية أخرى مثل القرنة، المدينة، شط العرب، وأبي الخصيب إلى محافظات، مما قد يؤدي إلى تفتيت البصرة. هذا الأمر يتطلب دراسة معمقة، وليس مجرد قرارات انفعالية”.
وأشار العيداني إلى أن الدستور العراقي يتيح تشكيل الأقاليم، مؤكدًا أن الأولوية يجب أن تكون لتماسك المحافظة وتطويرها، لا لتقسيمها وفق حسابات ضيقة. كما لفت إلى ردود فعل شعبية رافضة لهذا الطرح، ما يعكس وعي الشارع البصري بأهمية وحدة محافظتهم.
الإقليم الشيعي
وتزامن مقترح تحويل قضاء الزبير إلى محافظة مستقلة في ظل تصاعد المساعي السياسية لإقامة إقليم شيعي يضم محافظات الوسط والجنوب، وهو مشروع يثير انقسامًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والشعبية.
ويرى مراقبون أن المطالبة بتحويل قضاء الزبير إلى محافظة مستقلة تحمل أبعادًا سياسية تتجاوز الإطار الإداري، إذ ترتبط بالصراعات على النفوذ وإعادة رسم الخارطة السياسية داخل البصرة.
ويؤكدون أن هذه التحركات تأتي في سياق التجاذبات بين القوى السياسية، حيث تسعى بعض الأطراف إلى تعزيز حضورها في المشهد المحلي، بينما تعتبرها أطراف أخرى خطوة تهدف إلى إضعاف نفوذ جهات سياسية معينة داخل المحافظة.