
بغداد/ عراق أوبزيرفر
تسود حالة من الإرباك في أوساط وزارة الخارجية العراقية مع اقتراب موعد استضافة بغداد للقمة العربية المقبلة في آيار المقبل، بسبب خلو العديد من السفارات العراقية من السفراء في الوقت الذي تم فيه التمديد لنحو تسعة سفراء مخضرمين تجاوزوا السن القانونية.
وبحسب معلومات حصلت عليها عراق أوبزيرفر فإنه تم التمديد خلافاً لقانون التقاعد الموحد الذي يشمل جميع المكلفين بخدمة عامة في العراق، والذي حدد السن القانونية للتقاعد بـ 60 عامًا، وذلك بموجب التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014، الذي تم اعتماده في العام 2019.وشمل التمديد المثير للجدل والذي لا تمتلك اي سلطة في البلاد صلاحيته، عدداً من السفراء ممن تجاوزوا حتى الـ 65 عاماً وبعضهم ناهزوا السبعين، ومنهم السفير العراقي لدى الأردن عمر البرزنجي والمحال على التقاعد منذ العاشر من كانون الثاني الماضي لكنه لا يزال على رأس عمله، والسفير عبد الكريم طعمة رئيس دائرة حقوق الإنسان في مقر وزارة الخارجية والمحال على التقاعد منذ 2024/10/5، السفير عبد الكريم هاشم في جنيف والمحال على التقاعد منذ تاريخ 2024/3/6، السفير في كندا عبد الرحمن الحسيني المحال على التقاعد بتأريخ 2023/11/22، ثم وكيل الوزارة السفير محمد حسين بحر العلوم المحال على التقاعد رسمياً منذ تأريخ 2023/6/10، فالسفير نزار عيسى الخير الله في واشنطن والذي تمت إحالته على التقاعد منذ اكثر من عام وعشرة أشهر لكنه لا يزال يمارس عمله بشكل طبيعي!
وتضم قائمة السفراء المخضرمين الذين يتندر منتسبو وزارة الخارجية بتسميتهم بـ”السفراء المُبشّرين” كلاً من السفير العراقي في ڤيينا بكر فتاح حسين الذي اُحيل على التقاعد رسمياً منذ اكثر من عامين وثمانية اشهر لكنه لا يزال على رأس عمله، بالإضافة إلى سفير العراق في اثينا مؤيد محمد صالح الُمحال على التقاعد منذ الاول من تموز من العام 2022، واخيراً السفير باسم حطاب الطعمة، عميد معهد الخدمة الخارجية في مقر الوزارة والذي صدر قرار إحالته على التقاعد منذ اكثر من أربعة أعوام ! .
وواضح ان جميع الحالات التسع هي مخالفات صريحة للقانون.
وحاولت عراق أوبزيرفر التواصل مع فؤاد غازي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية لكنه تحجج اكثر من مرة بكونه على سفر ورفض الرد على تساؤلات مراسلة عراق أوبزيرفر.
من جانبه، قال النائب في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب العراقي، حيدر السلامي ان لدينا نقص كبير في عدد السفراء العراقيين، وللأسف في كل دورة نيابية تكون لدينا قائمة سفراء جاهزة للتصويت عليها لكن التوافقات السياسية والخلافات بين الأحزاب بسبب المحاصصة تحول دون تمريرهم.
واضاف في حديث مع مراسلة عراق أوبزيرفر: ان المحاصصة وتوزيع السفراء على المكونات والأحزاب هو ما يشكل عائقاً في تمرير قائمة السفراء الجدد.
وأوضح السلامي: في هذه الدورة لم تُمرر للأسف ايضا قائمة السفراء على الرغم من اكتمالها بسبب خلافات على الحصص والأعداد، ولازلنا تصر على ضرورة تعيين سفراء للعراق في البعثات الدبلوماسية العراقية في الخارج عملاً بمبدأ التعامل بالمثل مع دول العالم التي سمت سفراء لها في بغداد لكننا لم نفعل نفس الشيء ولازالت سفاراتنا بدون سفراء، الأمر الذي يضعف دور دبلوماسيتنا الخارجية عندما يكون تمثيلنا ضعيفاً على مستوى قائم بالأعمال فقط !.
وشدد السلامي على أن القائم بالأعمال ليس كالسفير فالسفير لديه صلاحيات واسعة معرباً عن أمله في أن تبتعد القوى السياسية عن المزايدات والمكاسب السياسية في موضوع ترشيح السفراء لان هذا الملف يمثل صورة العراق امام المحافل الدولية، مشدداً على ان السفير ممثل للعراق لا للحزب الذي رشحه وهو ما لا تريد بعض القوى السياسية أن تفهمه.
وسبق للنائب سعود حمود الساعدي ان وجه سؤالاً نيابياً لرئيس مجلس الوزراء بشأن صلاحية تمديد خدمة السفراء، مشيرًا إلى وجود شبهات دستورية وقانونية في هذا السياق، خصوصًا فيما يتعلق بعدم وجود نص قانوني يجيز التمديد لمن بلغوا السن القانونية للتقاعد.
وجاء في الوثيقة النيابية المؤرخة في 9 نيسان 2025، والتي اطّلعت عليها عراق اوبزيرفر، جملة من التساؤلات، أبرزها، ما هو السند الدستوري لإصدار قرار مجلس الوزراء رقم (231) لسنة 2019، الذي منح رئيس الوزراء صلاحية تمديد خدمة أصحاب الدرجات الخاصة، رغم بلوغهم السن القانونية للتقاعد؟، و ما هو السند القانوني للموافقة على تمديد خدمة عدد من السفراء في وزارة الخارجية، رغم عدم شمولهم بالاستثناءات الواردة في قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 المعدل؟
كما تساءل الساعدي بحسب الوثيقة، عن الإجراءات القانونية المتخذة بشأن استمرار هؤلاء السفراء بمناصبهم واستلامهم للرواتب والمخصصات رغم انتهاء فترة التمديد القانونية، مطالبًا بالكشف عن الجهة التي صرفت تلك المبالغ المصروفة “خلافًا للقانون”.
كما طالب النائب بالكشف عن إجراءات الحكومة بشأن استبدال السفراء المنتهية مدتهم، والأسباب التي حالت دون عرض أسماء بديلة للتصويت داخل مجلس النواب، وفقًا لأحكام المادة (61/خامسًا) من الدستور.
وفي سياق متصل، صعّد رئيس كتلة حقوق النيابية، النائب سعد حمود الساعدي، من لهجته تجاه ملف استمرار عمل عدد من السفراء في وزارة الخارجية رغم بلوغهم السن القانوني للتقاعد، معتبرًا أن ذلك يمثل مخالفة دستورية وقانونية صريحة، داعيًا إلى إدراج الموضوع ضمن جدول أعمال مجلس النواب واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف “التمادي على القانون”.
وبحسب وثائق اطّلعت عليها عراق اوبزيرفر، فقد وجّه الساعدي سلسلة من الأسئلة النيابية الرسمية إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية، ورئاسة مجلس النواب، تضمنت استفسارات دقيقة بشأن الأسس القانونية والدستورية التي سمحت باستمرار خدمة عدد من السفراء رغم بلوغهم السن القانوني وعدم شمولهم بأي استثناء يجيز تمديد خدمتهم.
وأشار الساعدي إلى أن قرار مجلس الوزراء رقم (231) لسنة 2019 الذي فُسّر على أنه يمنح صلاحية التمديد لرئيس الوزراء، يفتقر إلى سند دستوري وقانوني واضح، مبينًا أن المواد الدستورية (61 ثانيًا وسابعًا/ج) و(47)، وكذلك قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014، لا تتضمن أي نص يجيز التمديد لمن بلغوا السن القانونية للتقاعد.
كما أثار النائب تساؤلات حول استمرار صرف الرواتب والمخصصات لهؤلاء السفراء رغم انتهاء المدد القانونية لخدمتهم، مطالبًا بكشف الجهة التي صرفت هذه الأموال “خلافًا للقانون”، وبيان موقف وزارة المالية منها، ومحاسبة الجهات المقصرة أو المتورطة.
وفي كتاب آخر موجه إلى رئاسة البرلمان، طالب الساعدي بإدراج موضوع استمرار عمل السفراء بصورة مخالفة للدستور ضمن جدول أعمال الجلسات المقبلة، داعيًا إلى عدم تمرير أي أسماء بديلة دون النظر في أسباب التمديد المخالف.
وتساءل كذلك عن عدد السفراء الذين تم تعيينهم بدون مصادقة مجلس النواب، وما إذا كانت قد صدرت أوامر تقاعد أو تمديد خدمة لهم، مطالبًا بتزويده بجميع الأوامر الصادرة بصيغة رسمية.