Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تحليلاتخاصرئيسية

عاجل| سابقة تأريخية ترقى إلى الفضيحة لم يشهدها بلد سوى العراق! حين تصبح الجوازات الدبلوماسية إرثاً عائلياً

عراق أوبزيرفر/ بغداد

ضجت الأوساط الشعبية والقانونية كما تضج المقاهي عند انقطاع الكهرباء، بعد أن قرر البرلمان التصويت على التعديل الأول لقانون جوازات السفر رقم 32 لسنة 2015، وكأنما البلاد انتهت من جميع أزماتها ولم يبق سوى “مأساة” جوازات السفر الدبلوماسية لتُحل في جدول أعمال الجلسة الأولى من الفصل التشريعي الأول للدورة الانتخابية الخامسة، ليمنح جوازاً دبلوماسياً لكبار مسؤولي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعوائلهم مدى الحياة اي حتى بعد مغادرتهم الوظيفة، في سابقة تأريخية، لم تحصل في اي بلد بالعالم.

وما أثار الغبار فوق رؤوس الحاضرين هو الأسباب الموجبة للتعديل، التي جاء فيها أن “التزاماً بما قضت به المحكمة الاتحادية العليا بموجب قرارها بالعدد ثلاثة اتحادية 2023، وبغية تنظيم آلية منح جوازات السفر الدبلوماسية لأعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية والقضائية”، ليبدو وكأنما هذه الجوازات هي السلاح السحري الذي سيقضي على البطالة والفقر والتلوث بلمسة واحدة!

خرق وضح للدستور

بدوره، قال الخبير القانوني علي التميمي إن “تصويت البرلمان العراقي على تعديل جزئية في قانون جوازات السفر رقم 32 لعام 2015، تضمن منح جواز السفر الدبلوماسي لرؤساء وأعضاء السلطات الثلاث وعوائلهم وأسرهم وأولادهم بأثر رجعي ومستقبلي، وهو ما يُعد خرقاً واضحاً للمادة 14 من الدستور التي تساوي بين العراقيين جميعاً وتمنع أي تمييز”.

وأضاف التميمي لـ”عراق أوبزيرفر” أن “هذا التعديل خالف أيضاً اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تنص على منح جواز السفر الدبلوماسي فقط للشخصيات التي قدمت إنجازات للبشرية، كالحاصلين على براءات اختراع أو مؤلفين بارزين، لتسهيل أمور سفرهم، وليس كإرث يُورث للعوائل والأبناء.

وأشار إلى أن “منح جواز السفر الدبلوماسي للمسؤولين ينتهي بانتهاء مهامهم، ولا يجوز أن يمتد أثره المستقبلي لعائلاتهم، إذ أن هذا الجواز ليس تركه أو قسماً شرعياً يمنح بهذه الطريقة. كما أن هذا القانون قابل للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا بموجب المادة 93 من الدستور، لوجود مخالفات دستورية واضحة، إلى جانب مخالفته لاتفاقيات دولية.”

وأوضح التميمي أن “عدد جوازات السفر الدبلوماسية الممنوحة في العراق يتجاوز الـ35 ألف جواز في سنة واحدة، وفق إحصائيات رسمية، وهو رقم ضخم بالمقارنة مع دول كالهند واليابان، التي لا يتجاوز عدد الجوازات الدبلوماسية فيها 20 ألفاً، رغم أن تعداد سكانها يصل إلى مئات الملايين.”

نواب ينتقدون التعديل

وواجه التعديل انتقادات حادة من قبل نواب وخبراء قانونيين، إذ حذر عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد جاسم الخفاجي، من أن منح الجواز الدبلوماسي يجب أن يكون مرتبطًا بالوظائف الدبلوماسية والسيادية، وينتهي بانتهاء تلك الوظائف، وأن التعديل المقترح يمنح هذه الامتيازات مدى الحياة وبأثر رجعي، مما يتنافى مع مبادئ العدالة الاجتماعية.

وأوضح عضو اللجنة القانونية النائب محمد عنوز أن “التعديلات شملت أي مسؤول سابق لديه جواز سفر دبلوماسي، عند خروجه من مهام وظيفته يتم التجديد له بشكل طبيعي له فقط”، نافيًا في تصريح صحفي، أن “عوائل المسؤولين غير مشمولين بالجوازات الدبلوماسية”.
وأكد خبراء قانونيون أن هذه الفكرة التي تجعل من الجواز الدبلوماسي إرثاً عائلياً محفوظاً مدى الحياة، تعد مخالفة صارخة للمادة الرابعة عشرة من الدستور، التي يبدو أن البرلمان قرأها كقصيدة شعرية ولم يأخذها على محمل الجد.

ما مخاطر ذلك؟

وحذر مراقبون من أن منح هذه الجوازات الدبلوماسية دون حسيب أو رقيب ليس فقط “استهزاءً” بالداخل، بل يمثل خرقاً فاضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، وسط تساؤلات عمّا إذا كان البرلمان العراقي سمع بهذه الاتفاقية، أو ربما ظنها عنوان رواية رومانسية!
ومن المعروف أن جواز السفر الدبلوماسي حول العالم يُعتبر من الخطوط الحمراء، ولا يُمنح إلا للشخصيات المعروفة أو لبعثات دبلوماسية أو جهات تنفيذية عليا أو لأشخاص قدموا خدمات للبشرية بهدف تسهيل أمور سفرهم، وذلك وفق الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات المعمول بها، وليس للمسؤولين وأولادهم وعائلاتهم وأصدقائهم وبأثر رجعي.

الولايات المتحدة أنموذجًا

بدوره، أوضح الباحث العراقي باسل حسين أن المقارنة بين القانون العراقي المعدل للجوازات الدبلوماسية وما يجري في الدول الكبرى، تكشف عن فجوة عميقة في الفهم والتطبيق.
وأشار حسين في منشور عبر منصة (أكس) إلى أن “في الولايات المتحدة، يتم منح الجواز الدبلوماسي فقط للأشخاص الذين يشغلون مناصب رسمية تتطلب تمثيل الدولة في الخارج، مثل رئيس الولايات المتحدة ونائبه ووزير الخارجية وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية، بالإضافة إلى الدبلوماسيين الأمريكيين المعتمدين لدى البعثات الدبلوماسية في الخارج وأفراد عائلاتهم المعالين، ولفترة محددة لا تتجاوز مدة المهمة الرسمية.”

وأضاف حسين أن “الجواز الدبلوماسي الأمريكي لا يُعتبر امتيازاً أو وجاهة شخصية، بل أداة تستخدم فقط لأداء المهام الرسمية، ويُسترجع فور انتهاء المهمة أو الوظيفة التي استدعت إصداره، مما يظهر احتراماً عالياً للدبلوماسية كمفهوم وظيفي وليس كوسيلة لإظهار الفخامة.”

وختم حسين قائلاً: “تصوروا أن الجواز الدبلوماسي ليس امتيازاً أو فخفخة، بل مجرد أداة رسمية. لا يوجد في دولة محترمة أو حتى غير محترمة ما يشبه القانون العراقي الجديد في استباحته لهذه الصفة السيادية.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى