العراقتحليلاتخاصرئيسية

عاجل| مَنْ هو بالضبط بطل”النصر المائي” ؟! رغم اصرار تركيا على حرمان العراق من حقوقه وفق مبدأ الدول المتشاطئة.. مسؤولون عراقيون يتسابقون على إعلان الدُفعات المائية!

بغداد/ عراق أوبزيرفر
في مشهد عكس حجم التردي السياسي الذي وصلت إليه الدولة العراقية، تسابق كبار المسؤولين في العراق لإعلان موافقة تركيا على إطلاق دفعات مائية في وقت تواجه فيه البلاد معدلات جفاف غير مسبوقة.
شر البلية ما يُضحك!
وازاء مشاهد السخرية المرّة لما وصل اليه حال العراق، فقد أظهر رئيس مجلس النواب محمود المشهداني نفسه في مقطع مصوّر وهو يتلقى اتصالًا من نظيره التركي، مروّجًا لما وصفه بـ”موافقة أردوغان على إطلاق دفعات مائية”، بعد ساعات قليلة فقط من إعلان مصدر حكومي عن اتصال بين اردوغان والسوداني حوّل نفس (المكرمة) التركية !


ولم تقف التراجيديا العراقية عند هذا الحد، بل ان النائب محمد حسن الشمري نشر منشوراً على صفحته في فيس بوك يقول فيه حرفياً: (بعد لقاء السيد النائب محمد الشمري السيد رجب طيب اردوغان ،الرئيس التركي يأمر بإطلاق المياه من صباح يوم غد بواقع ٢٠٠متر مكعب بالثانية في حوض دجلة الرئيسي و ١٢٠ متر مكعب بالثانيه في روافد دجلة و ١٠٠ متر مكعب بالثانية في نهر الفرات أي ما مجموعه ٤٢٠ متر مكعب بالثانيه يوميا ومن الله التوفيق.)
وامام كل هذه المواقف، يتساءل المواطنون اولاً بمن نصدق وكثيرون يدّعون أنهم وراء هذا الإنجاز غير المسبوق، بل ان الأدهى والأمر هو الفوضى التي وصل اليها بلد بحجم العراق لا يُعرف منه هو صاحب القرار فيه ومن هو الذي يتفاوض مع دول العالم ؟!!


المشهد الذي بدا أقرب إلى استعراض علاقات عامة، قوبل بانتقادات واسعة، لا سيما أن المياه التي أعلنت أنقرة إطلاقها، بواقع 420 مترًا مكعبًا في الثانية، لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الحاجة الفعلية للعراق، والتي تتجاوز 3 مليارات متر مكعب، وفق تقديرات المختصين.
وتُثار تساؤلات جادة عن أسباب تجاهل المسؤولين العراقيين لحقيقة أن تركيا ما زالت ترفض توقيع أي اتفاق ملزم مع العراق، ولا تعترف بحقوقه كدولة متشاطئة وفق الأعراف الدولية.
بيان رئيس البرلمان العراقي وصف العلاقات مع أنقرة بأنها “مزدهرة”، مشيدًا بالإرث التاريخي والتداخل الجغرافي بين البلدين، في وقت ما تزال فيه تركيا تفرض سياسة الأمر الواقع من خلال مشاريعها المائية الضخمة، مثل سد إليسو، التي قلصت تدفقات نهري دجلة والفرات بنسبة كبيرة، وتسببت بكوارث بيئية في جنوب العراق.


ورغم أن القوانين الدولية واتفاقية هلسنكي لعام 1992 تُلزم دول المنبع بإشعار دول المصب وإشراكها في إدارة الموارد المشتركة، إلا أن الحكومات العراقية المتعاقبة، بما فيها الحالية، لم تفلح في دفع تركيا للاعتراف بهذه الالتزامات أو توقيع مذكرات ملزمة تحفظ حصص العراق.

ويرى مراقبون أن الدولة العراقية لا تزال تتعامل مع الملف المائي بمنطق المجاملة والضعف، بدلًا من تفعيل أدوات الضغط السياسي والاقتصادي، وجرّ تركيا إلى طاولة تفاوض جدية تشمل تحديد الحصص والتدفق السنوي وضمان الاستدامة.

موقف ضعيف

بدوره قال عضو لجنة الزراعة والمياه في البرلمان العراقي ، ثائر مخيف، إن “العراق يقف في موقف الضعيف المستجدي أمام تركيا في ملف المياه”، معتبرًا أن “هذا الموقف يعكس فشلًا سياسيًا واضحًا في الدفاع عن الحقوق المائية، ونتيجة مباشرة لحوار خجول وغير جاد من قبل الحكومة الحالية والحكومات السابقة”.

وأوضح مخيف في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر”، أن “تركيا تنتهج سياسة القطع القسري للمياه تجاه العراق، ولم توقّع حتى الآن أي اتفاق أو ميثاق مائي مع بغداد، كما ترفض الالتزام بالقوانين والمعاهدات الدولية التي تنظّم تقاسم المياه بين الدول المتشاطئة، كما أن الإطلاقات التي تعلن عنها أنقرة لا وجود لها فعلياً في نهري دجلة والفرات”.

وأكد أن “هذا الملف أخطر من كل التحديات الأمنية التي مرت على البلاد، بما فيها الإرهاب، لأنه يتعلق بحياة العراقيين جميعاً في الحاضر والمستقبل، لذلك يجب على الحكومة اتخاذ مواقف حازمة”، مشيراً إلى أن “العراق يحتاج إلى ما لا يقل عن 3 مليارات متر مكعب من المياه لتجاوز الأزمة الحالية، وهي كمية لا تمثل سوى 7 إلى 8% من الخزين المائي التركي”.

ويُواجه العراق انخفاضاً حادًا في مناسيب نهري دجلة والفرات، وهو ما تُرجعه الجهات المختصة إلى مشاريع السدود التركية والإيرانية، فضلًا عن شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، ما جعل العراق من أكثر خمس دول في العالم تعرضًا لتداعيات التغير المناخي، بحسب تقارير أممية.

وفي ظل استمرار غياب الاستراتيجية الوطنية المائية، وافتقار الخطاب الرسمي لأدنى مقومات الندية، تتحوّل كل أزمة وجودية إلى مناسبة للترويج الشخصي، فيما يبقى أكثر من 40 مليون عراقي رهائن لجغرافيا العطش وساسة بلا أدوات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });