تحليلاتخاص

قلق وجدل من مقترح نقل مصفى الدورة إلى جرف الصخر!

بغداد/ عراق أوبزيرفر

تواجه خطوة نقل مصفاة الدورة إلى منطقة جرف الصخر شمالي محافظة بابل العديد من التحديات التقنية، والاقتصادية، والسياسية، حيث تعد مصفاة الدورة، التي أُنشئت في خمسينيات القرن الماضي، من أهم وأقدم المنشآت النفطية في العراق، وتلعب دوراً رئيسياً في تزويد البلاد بالمشتقات النفطية.

وتعتبر مصفاة الدورة أقدم مصافي النفط الكبيرة في العراق، وتضمّ مجمعاً صناعياً نفطياً متكاملاً دخل الخدمة عام 1955، ويقع في منطقة الدورة، جنوب شرقيّ بغداد، بمساحة نحو مليوني ونصف مليون متر مربع.

وينتج المجمع البنزين والغاز السائل ووقود الطائرات وزيت الغاز والديزل والنفط الخام والشحوم، والشمع، والأسفلت، وغيرها. لكن عام 2014 ظهرت مخاوف من تأثير بيئي للمصفاة على السكان، ودعا البرلمان العراقي إلى نقلها لمكان آخر “بحسب الضوابط البيئية والدولية التي تمنع إنشاء المصافي داخل التجمعات السكانية”.

ومع ذلك، أدت المخاوف البيئية نتيجة التلوث الناتج عن موقع المصفاة في قلب العاصمة بغداد إلى الدفع باتجاه نقلها إلى مواقع بعيدة، مثل منطقة جرف الصخر.

وتقع جرف الصخر، جنوبي بغداد بالقرب من نهر الفرات، وكانت تحت سيطرة تنظيم داعش لبعض الوقت حتى تحريرها في 2014، ومنذ ذلك الحين تخضع لسيطرة جماعات مسلحة.

وأدت هذه السيطرة إلى منع عودة سكان المنطقة المهجّرين، وهو ما أثار الشكوك حول الأسباب الحقيقية لاختيارها كوجهة لنقل المصفاة، حيث يرى البعض أن المشروع قد يكون جزءاً من مخطط للتغيير الديموغرافي، خصوصاً وأن المنطقة تعتبر غير مأهولة، ما يزيد من التعقيدات الأمنية والسياسية المحيطة بهذا المقترح.

وأعلن مدير الإعلام والعلاقات في أمانة بغداد محمد الربيعي، عن خطة لنقل مصفى الدورة إلى منطقة جرف الصخر، في إطار خطة لنقل المواقع الصناعية خارج العاصمة، مشيراً إلى أن المدينة ستكون بلا مصفى ومحطة كهرباء.

وأضاف الربيعي في تصريحات متلفزة، أن «هناك خطة خمسية بحلول 2030 لنقل مواقع كافة المنشآت الصناعية والنفطية إلى أماكن بديلة خارج العاصمة، وستكون منطقة جرف الصخر موقعاً بديلاً لمصفى الدورة، وهذا تم إقراره في مجلس محافظة بغداد منذ سنوات.

جوانب فنية واقتصادية

وإلى جانب التحديات السياسية، فإن هناك جوانب فنية واقتصادية يجب أخذها في الاعتبار، وفق خبراء، إذ أن عملية نقل المصفاة ستكون باهظة التكلفة، حيث تتطلب بناء بنية تحتية جديدة تماماً، بما في ذلك منشآت سكنية للعاملين المتخصصين.

وفقاً لتقديرات، فقد يتطلب النقل أكثر من 360 يوماً من العمل المستمر، ما يعني توقف الإنتاج في المصفاة لفترة طويلة، ما سيؤثر بشكل كبير على إمدادات النفط في السوق المحلي.

بالإضافة إلى ذلك، سيتطلب النقل تحديث المعدات لضمان قدرتها على مواصلة أعمالها، وهي تكلفة إضافية قد تصل إلى مليارات الدولارات.

تخفيف التلوث
من الناحية البيئية، يرى بعض الخبراء أن التخفيف من التلوث في بغداد هو ضرورة ملحة، لكن نقل المصفاة قد لا يكون الحل الأمثل، بدلاً من نقل المنشأة بالكامل، وعوضاً عن ذلك يمكن التفكير في تحسين الآلات المستخدمة في المصفاة للحد من الانبعاثات الملوثة.

كما يمكن النظر في حلول أخرى مثل بناء أحزمة خضراء حول المصفاة الحالية للتخفيف من التلوث الناتج عن العمليات الصناعية.

وتظل مسألة نقل مصفاة الدورة إلى جرف الصخر قضية مثيرة للجدل، وتتطلب دراسة معمقة وشاملة، ما يعني ضرورة الأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية، والأمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى