للمواعدة ..عائلة مثليّ بريطاني تتهم السلطات القطرية باستدراجه
لندن/ متابعة عراق اوبزيرفر
قالت عائلة مِثليّ بريطاني من أصول مكسيكية يُدعى مانويل غيريرو أڤينا، والذي تحتجزه السلطات في قطر، إنه جرى استدراجه عبر تطبيق المواعدة “غريندر”.
وكان شخص يدعى “غيو” قد تواصل عبر الإنترنت مع مانويل، وتواعد الاثنان على أن يلتقيا، وعندما ذهب مانويل إلى مكان اللقاء لم يجد غيو وإنما وجد بانتظاره الشرطة والتي ألقت بدورها القبض عليه بتُهمة تتعلق بالمخدرات – بحسب ما قال إنريك، شقيق مانويل لبي بي سي.
ويعاني مانويل من الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وقد نفدت الآن كل الأدوية العادية التي يحصل عليها بحسب ما تقول عائلته، التي تطالب الحكومة البريطانية بالتدخُّل لإعادته إلى وطنه من أجل تلقّي العلاج.
ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تجربة مانويل في الحبس بالـ “مريعة”، قائلة إن المحاكمة التي خضع لها مانويل “شابتها انتهاكات قانونية”، كما أعربت منظمات حقوقية أخرى عن قلقها بشأن هذه القضية لبي بي سي.
ومن جهتها، تصرّ السلطات القطرية على أن مانويل يلقى معاملة يسودها “الاحترام والكرامة”.
وللوهلة الأولى، يبدو “غيو” شبيهاً بغيره من آلاف الرجال الذين يستخدمون تطبيقات المواعدة من حول العالم.
ودخلت بي بي سي على حساب “غيو” عبر تطبيق غريندر، فوجدته مليئاً بصور السيلفي التي يستعرض فيها عضلات بطنه. فيما تظهر على قائمة اهتماماته موسيقى الـ “كاراوكي”، كرة القدم ونتفليكس.
كما يمتلك “غيو” حسابا شبيها عبر تطبيق “تِندر”، حيث أمكن التحقق من هويّته عبر الاستعانة بتقنية التعرّف على الوجوه.
ويقول إنريك إن أخاه تبادل أرقام التليفون مع ذلك الشخص، ودعاه إلى شقّته في العاصمة القطرية الدوحة.
ولكن عندما نزل مانويل إلى بهو المبنى ليقابل “غيو” لم يجد الأخير وإنما فوجئ بضباط من الشرطة القطرية، والذين وضعوا الأصفاد في يدَي مانويل وألقوا القبض عليه، بحسب رواية شقيقه.
ويجرّم القانون في قطر المثلية الجنسية، لكن مانويل -الذي يعمل لدى شركة خطوط جوية- كان في السنوات السبع الماضية يحيى “حياة عادية”، ولم يواجه أية مشكلة مع السلطات، بحسب ما تقول عائلته.
وتصرّ السلطات القطرية على أن مانويل، البالغ من العمر 44 عاما، تم تنفيذ القبض عليه في فبراير/شباط الماضي لأنه كان بحوزته “ممنوعات” في ملابسه وفي شقته، دون إشارة إلى أي سبب آخر وراء إلقاء القبض عليه.
وتقول السلطات في قطر إن مانويل “اعترف” بحيازة ممنوعات، مضيفة بأنه “خضع لتحليل مخدرات وثبت تعاطيه مواد ممنوعة، وتحديدا منشطات الأمفيتامين والميثامفيتامين وقت القبض عليه”.
لكن شقيقه، إنريك، يقول إن مانويل لم يتعاطى أية عقاقير مخدرة، وإن كمية ضئيلة من الميثامفيتامين وُضِعت بحوزته، ثم أُرغِم على قبول أنها كانت معه.
ولم يتسنَّ لبي بي سي التحقق بشكل مستقلّ من مزاعم مانويل وعائلته، فضلاً عن أن كثيراً من الاتهامات المتعلقة بالطريقة التي عومل بها مانويل بعد إلقاء القبض عليه وقعتْ بالأساس خلف أبواب مغلقة وتحت عيون قليل من الشهود.
لكن عائلة مانويل قدّمت سِجِلاً بأحداث وتقارير سابقة، حول معاملة المثليين (ضِمن مجتمع الميم) في قطر، وحول سلوك الشرطة القطرية معهم.
وأشارت العائلة إلى آخرين عاشوا تجارب شبيهة بتلك التي عاشها مانويل.
وفي فترة احتجازه لدى الشرطة، يزعم مانويل أنه شاهد آخرين “يُجلدون على ظهورهم” بأيدي الضباط، وأنه تم تهديده بالمعاملة بالمثل إذا هو لم يوقّع على عدد من المستندات القانونية.
صدر الصورة، family handout
وقال مانويل لعائلته إن تلك المستندات كانت باللغة العربية التي لا يعرفها، كما أنه لم يكن متاحاً له التواصل مع مترجم أو مستشار قانوني.
ويقول إنريك إن شقيقه مانويل عندما أطلع المسؤولين في السجن على معلومة مرضه بالإيدز، نقلوه إلى زنزانة انفرادية وراحوا يمنعون عنه الدواء من حين لآخر في محاولة للضغط عليه من أجل إعطائهم معلومات عن مثليين آخرين ولكن مانويل رفض.
وقال إنريك لبي بي سي إن شقيقه خضع في إحدى المرّات للاستجواب على مدى ساعات.
ويقول الصندوق الوطني للإيدز في المملكة المتحدة إن منْع الدواء في السجن يعدّ من التصرّفات “غير المقبولة أخلاقيا”، وإن من شأنه أن يأتي بعقبات خطيرة على صحة مانويل.
ويدعوا الصندوق الخيري حكومة المملكة المتحدة إلى التدخل وإعادة مانويل من أجل الحصول على علاج مناسب.
من جهتها، قالت السلطات القطرية لبي بي سي إن مانويل كان يعامل بـ”احترام وكرامة في محبسه”.
وكان مانويل قد أُخبِر بأنه سيواجه عقوبة تتراوح بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات في السجن، وذلك لحيازته وتعاطيه مواد مخدرة.
لكنْ الآن، وبعد قضاء 42 يوما في مركز احتجاز قطري، حصل مانويل على إفراج مؤقت حيث يقيم مع أصدقاء له في انتظار المثول أمام القضاء.
وقد أُخِذ جواز السفر من مانويل كما أن الإفراج المؤقت يعني أنه ممنوع من السفر للخارج.
وفي منظمة العفو الدولية، تقول الباحثة في شؤون الشرق الأوسط دانا أحمد، إن الطريقة التي عومل بها مانويل في محبسه وفي أولى جلسات محاكمته بعد ذلك “تثير المخاوف من أن يكون مانويل مستهدَفاً بسبب توجهاته الجنسية، ومن أن يكون بصدد التعرّض للتعذيب لكي يفضي بمعلومات إلى السلطات عن أفراد ينتمون لمجتمع الميم في قطر”.
مخاوف صحية خطيرة قالت عائلة مانويل لبي بي سي إن علاجه المعتاد الذي وصفه له أطباء بريطانيون قد نفد منذ منتصف أبريل/نيسان المنصرم، وإن مانويل الآن يتعين عليه أن يتناول علاجا بديلاً توفّره السلطات القطرية.
وقبل إلقاء القبض عليه، كان مانويل يتناول عقاقير مضادة للفيروسات الرجعية، والتي كان ينبغي أن يتعاطاها في أثناء القيام برحلات إلى المملكة المتحدة والمكسيك. وتساعد هذه العقاقير في الإبقاء على فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) تحت السيطرة، كما تعني عدم انتقاله إلى آخرين.
وفي خطاب موجّه إلى وزارة الخارجية البريطانية، يسألها التدخّل، أوضح الصندوق الوطني للإيدز أن مجرد تأخير الدواء عن موعده في السجن كفيل بأن يحفّز جسم المريض على مقاومة مادة هذا الدواء ومن ثم يصبح أقلّ فعالية، ما من شأنه أن يتسبب في تبعات صحية خطيرة.
صدر الصورة، family handout
اعتاد مانويل على العمل لصالح شركات خطوط جوية بريطانية وأيضا قطرية، لا سيما في السنوات الأخيرة
وردّت وزارة الخارجية البريطانية بالقول إنها “تدعم بريطانياً في قطر” وإنها “تتواصل مع عائلته” دون الإدلاء بالمزيد.
لكن بي بي سي اطّلعتْ على خطابٍ يخبر فيه وزير الخارجية ديفيد كاميرون مجموعة من أعضاء البرلمان، معنيّة بشأن مانويل، بأن الحكومة البريطانية تأخذ أمر حالته الصحية بمنتهى الجدية.
وأكد كاميرون لهؤلاء البرلمانيين أنه يتابع “القضية عن كثب” لكنه أوضح في الوقت ذاته أن المملكة المتحدة لا يمكنها التدخل في الشؤون القضائية الخاصة بدولة أخرى.
“تمييز بالقانون وبالفعل” يقول آخر تقرير أصدرته الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في قطر، إن أفراد “مجتمع الميم واجهوا تمييزاً بالقانون وبالفعل” في عام 2023.
ويضيف التقرير بأن “الحكومة لم تبذل جهودا للتصدي للتمييز المحتمل، كما لم تصدر قوانين مناهضة للتمييز من أجمل حماية أفراد مجتمع الميم الذين يتم استهدافهم على أساس توجهاتهم الجنسية، أو هوياتهم الجنسانية، أو تعبيراتهم الجندرية”.
وتسلّطت الأضواء على المعاملة التي يلقاها مجتمع الميم في قطر عندما استضافت الدولة الخليجية كأس العالم لكرة القدم في عام 2022.
وفي ذلك التوقيت، قالت السلطات القطرية إن “الجميع مرحّب بهم” لكن تقارير انتشرت عن تعرُّض أفراد مجتمع الميم “للاختطاف والاعتداء”، وفقاً للناشط القطري الطبيب ناصر محمد – المدافع عن حقوق المثليين.