
بغداد/ عراق أوبزيرفر
أزمة جديدة تطل برأسها بين بغداد وأربيل، بعدما أعلنت سلطات إقليم كردستان إسقاط طائرة مسيّرة قرب مطار أربيل ما أثار ردود فعل متباينة عقب توجيه اتهامات مباشرة إلى الحشد الشعبي بالوقوف وراء العملية، وسط غياب تعليق رسمي من الحكومة الاتحادية.
وبرغم أن المنطقة التي سقطت فيها المسيّرة لم تُكشف رسميًا، فإن الحدث أثار توترًا سياسيًا وإعلاميًا، خاصة مع تصاعد الخلافات بين بغداد وأربيل بشأن عدد من الملفات الأمنية والإدارية.
وأعلنت مديرية مكافحة الإرهاب بإقليم كردستان، إسقاط طائرة مسيّرة مفخخة قرب مطار أربيل الدولي، من دون أن تُسفر عن أي أضرار بشرية أو مادية.
وأوضحت أن “ما حدث فعليا هو سقوط طائرة مسيرة مفخخة في منطقة صحراوية قرب أربيل، دون أن تسفر عن أي أضرار بشرية أو مادية”، متهمة فصائل “مرتبطة بالحشد الشعبي بتنفيذ الهجوم، بهدف خلق حالة من الفوضى والارتباك الأمني”.
ودعت الجهات المعنية في حكومة بغداد، إلى “وضع حد لهذه التجاوزات، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين”.
ويرى مراقبون أن استمرار الغموض في التعامل مع مثل هذه الحوادث يُسهم في تعميق فجوة الثقة بين الأطراف السياسية في العراق، ويُعزز مناخ الشك والتأزيم في مرحلة حساسة تشهد فيها البلاد تحديات أمنية واقتصادية متداخلة.
بدوره حذّر الخبير الأمني مخلد حازم من “وجود خلط كبير في الأوراق الأمنية داخل العراق خلال الفترة الحالية، في ظل تكرار حوادث استهداف بطائرات مسيّرة طالت مواقع مدنية وعسكرية واقتصادية على حد سواء، دون وضوح بشأن الجهات المنفذة أو الجهات المستفيدة”.
وقال حازم لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “باب التكهّنات ما زال مفتوحًا على مصراعيه، نظراً لغياب الأدلة القطعية بشأن منفّذي هذه العمليات”، داعيًا إلى “التركيز على من له مصلحة مباشرة في إرباك الوضع الأمني وزعزعة الاستقرار الداخلي”.
واستبعد أن “تكون فصائل الحشد الشعبي أو القوات العراقية وراء هذه العمليات، خاصة في هذا التوقيت الحرج، حيث أن تكون هناك جهات خارجية تنفذ أجنداتها عبر أدوات داخلية موجودة على الأراضي العراقية”.
وأضاف، أنه “لا يمكن فصل ما يحدث اليوم عن التطورات التي جرت مؤخرًا في إيران، بما في ذلك الكشف عن شبكات تجسسية وعمليات اختراق أمني واسع حيث من المرجح ان تكون لهذه الأحداث امتدادات داخل العراق قد تكون وراء بعض الاستهدافات الأخيرة”.
ونوّه حازم إلى أن “السيناريو القائم حاليًا قد يكون بداية لصراع إقليمي يُدار عبر وكلاء محليين، وقد تستغله أطراف متضادة داخل وخارج العراق لتمرير أجندات سياسية وأمنية”.
وأكد أن “الصورة الكاملة ما زالت غير واضحة، لكن ما يحدث فعليًا هو عملية مدروسة لإرباك الوضع الأمني ولها تداعيات خطيرة إذا لم تُعالج الأمور بشكل سريع ومهني”.
وكان النائب في تحالف “الإطار التنسيقي” ثائر مخيف، قد دعا أمس، البرلمان العراقي، إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة ما وصفه بـ”الخرق الأمني الخطير المتمثل بوجود عناصر للموساد في إقليم كردستان”.
وقال مخيف، في تصريح صحفي، إن “المعلومات الأمنية تشير إلى وجود عناصر من جهاز الموساد الإسرائيلي داخل إقليم كردستان، وأن هذا الوجود يشكل تهديدا مباشرا لأمن وسيادة العراق ككل، ويعد تجاوزا خطيرا لا يمكن السكوت عنه، وأن حكومة بغداد عاجزة عن محاسبة الإقليم”.
هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها حكومة إقليم كردستان اتهامات مشابهة، إذ سبق أن اتهمت طهران وفصائل موالية لها بوجود مواقع للموساد في أربيل تُستخدم لأغراض استخبارية. وقد أعقبت تلك الاتهامات هجمات صاروخية إيرانية، أبرزها قصف الحرس الثوري في مارس/آذار 2022 لما قال إنه “مركز استخباري إسرائيلي”.
كما تكرر استهداف الإقليم بطائرات مسيّرة بين عامي 2022 و2024، لا سيما قرب مطار أربيل، ما تسبب بسقوط ضحايا مدنيين وأضرار مادية.