العراقتحليلاتخاصرئيسية

ماذا وراء إخلاء السفارة الأمريكية ببغداد؟ محللون يشرحون

بغداد/ عراق أوبزيرفر

وسط تصاعد التوتر في الإقليم وتعثر المفاوضات بين واشنطن وطهران، أعلنت الولايات المتحدة بدء إخلاء جزئي لسفارتها في بغداد، في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً سياسياً واسعاً وتساؤلات حول خلفياتها وتوقيتها.
الإجراء الأميركي تضمن سحب عدد من موظفي السفارة غير الأساسيين، واعتبرته الخارجية الأميركية “إجراءً احترازياً”، مؤكدة أنها تراقب الوضع الأمني في العراق والمنطقة باستمرار، وتتخذ قراراتها استناداً إلى تقييمات وتحليلات ميدانية محدثة، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز” عن مصادر رسمية أميركية وعراقية.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن قرار تقليص البعثة الدبلوماسية الأميركية في بغداد يأتي في إطار التحوط لاحتمالات التصعيد العسكري في المنطقة، خصوصاً مع دخول الملف النووي الإيراني مرحلة جمود، وتزايد التهديدات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، ما يضع العراق مجدداً في دائرة القلق كأحد أكثر الدول تأثراً بأي مواجهة محتملة.
وتشير التقديرات إلى أن واشنطن تسعى لتقليل المخاطر على بعثتها الدبلوماسية تحسباً لردود أفعال مفاجئة قد تطال المصالح الأميركية في العراق، لا سيما من قبل فصائل مسلحة ترتبط بمحور طهران.
بدورها، نصحت السفارة الأميركية في بغداد، بتاريخ 11 حزيران 2025، بعدم السفر إلى العراق تحت أي ظرف، محذّرة من الإرهاب، والاختطاف، والصراعات المسلحة، والاضطرابات المدنية، ومن محدودية قدرة الحكومة الأميركية على تقديم خدمات الطوارئ لمواطنيها داخل البلاد.
وجاء في التحذير أن المواطنين الأميركيين يواجهون مخاطر عالية تشمل العنف والاختطاف، فيما تتعرض القوات الأمنية والمدنيون لهجمات متكررة من قبل جماعات إرهابية ومسلحة، باستخدام عبوات ناسفة ونيران غير مباشرة وطائرات مسيّرة، حتى في المدن الكبرى.

واقع هش
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي، رمضان البدران، أن التحذيرات الصادرة عن السفارة الأميركية بشأن الوضع الأمني في بغداد تعكس “واقعاً هشاً تعيشه البيئة السياسية العراقية، في ظل ازدواجية القرار وضعف احتكار الدولة للسلاح والسلطة”.


وأوضح البدران في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر” أن الحكومة تسعى لتقديم صورة مستقرة عن الوضع الأمني، لكن ذلك يصطدم بوجود فصائل مسلحة نافذة تتحرك خارج سلطة الدولة وتفرض أجندتها الخاصة، ما يعزز التداخل بين السياسي والعسكري ويزيد من هشاشة المشهد العام.
وأضاف أن “الإخلاء لا يشمل العراق فقط بل شمل أيضاً بعثات أميركية في بعض دول الخليج، ما يشير إلى أن القرار جزء من مقاربة إقليمية تتعامل مع احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران”.
وأشار إلى أن “طهران، من جهتها، تحاول نقل المواجهة إلى خارج حدودها، عبر جبهات فرعية في العراق واليمن وسوريا، وهو ما يُحتمل أن يكون دافعاً لتحركات أميركية استباقية من هذا النوع”.
وتابع قائلاً إن “الإدارة الأميركية، وخصوصاً الرئيس دونالد ترامب، لا ترغب بزجّ العراق في صراع مباشر مع إيران، وتسعى لعزل مصالحها الحيوية عن تداعيات التصعيد المتوقع”.
وحذر البدران من أن “أي تصدّع في العلاقة بين بغداد وواشنطن قد ينعكس بشكل فوري على استقرار الوضع السياسي والاقتصادي العراقي، في وقت يعتمد فيه العراق على دعم دولي لمواجهة تحدياته الداخلية المتراكمة”.

في المقابل، نفت الحكومة العراقية وجود أي تهديدات أمنية مباشرة استدعت الإجراء الأميركي، معتبرة أن الخطوة جزء من خطة انتشار دبلوماسي تخص المنطقة بشكل عام، وليست مرتبطة حصراً بالعراق، مشيرة إلى أن “الوضع الأمني في بغداد لم يسجل أي مؤشرات تدعو للقلق أو تبرر الإخلاء”.
وبين الرسائل السياسية والاحتياطات الأمنية، تبقى دلالات الخطوة الأميركية رهن تطورات الأيام المقبلة، في ظل بيئة إقليمية ملتهبة وغياب أي مؤشرات على التهدئة بين واشنطن وطهران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });