بغداد/ عراق أوبزيرفر
شهدت قاعدة عين الأسد الجوية في العراق هجوماً بطائرتين مسيرتين ملغومتين، وفقاً لمصدرين عسكريين عراقيين تحدثا لوكالة رويترز، حيث تستضيف القاعدة قوات أميركية ودولية، ويعتبر هذا الهجوم الأول على القوات الأميركية في العراق منذ أشهر، حينما أوقفت المجموعات المسلحة هجماتها.
وبحسب المصادر الأمنية، فإنه لم ترد تقارير عن وقوع إصابات جرّاء الهجوم على قاعدة عين الأسد، وبحسب مسؤول عسكري عراقي أن أنظمة الدفاع الجوي تمكنت من إسقاط إحدى الطائرتين المسيرتين بالقرب من محيط القاعدة.
يأتي هذا الهجوم قبل أقل من أسبوع من زيارة متوقعة لوفد عسكري عراقي رفيع المستوى إلى واشنطن لمواصلة المحادثات بشأن إنهاء التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في البلاد.
تحد جديد
وبدأت واشنطن وبغداد في يناير/ كانون الثاني الماضي محادثات لإعادة تقييم انسحاب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، والذي تشكل عام 2014 لمساعدة القوات العراقية في قتال تنظيم “داعش” بعد اجتياح التنظيم أجزاء كبيرة من البلاد.
وتمثل عودة الهجمات، تحدياً جديداً أمام القوات العراقية، الساعية إلى ضبط الأمن في ظل المفاوضات الجارية مع التحالف الدولي.
ولم تثمر زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في نيسان الماضي، إلى واشنطن عن أي نتائج حاسمة بشأن ملف خروج القوات الأميركية من العراق، وهو المطلب الأساسي لفصائل مسلحة وبعض القوى السياسية، بل على العكس تماماً، وردت إشارات في البيان العراقي الأميركي المشترك إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، دون أي ذكر لأي انسحاب عسكري أو إنهاء مهام التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
ضغوط واحراج
ويرى المحلل السياسي عماد محمد، أن “الهجمات على القواعد الأميركية تأتي في إطار الضغوط التي تمارسها الفصائل المسلحة لتحقيق انسحاب القوات الأميركية، ولكنها في الوقت ذاته تضع الحكومة العراقية في موقف حرج أمام المجتمع الدولي”.
وبحسب محمد خلال حديثه لـ”عراق أوبزيرفر” فإن “تلك الهجمات لو استمرت ستمثل تحدياً كبيراً، مع قدوم إدارة أميركية يحتمل أن تكون جديدة في ظل المعطيات، وبالتالي فإن المواجهة ستكون حتمية”.
ويعكس الهجوم الأخير على قاعدة عين الأسد الجوية تعقيدات المشهد الأمني والسياسي في العراق، وبينما تسعى الحكومة العراقية لتحقيق توازن بين مطالب القوى السياسية والفصائل المسلحة، والحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، يبقى مستقبل وجود القوات الأميركية في العراق مسألة حساسة تتطلب معالجة دقيقة من قبل جميع الأطراف المعنية.
تطورات المنطقة
وما يعقد الأزمة أن هذه التطورات تأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصاعداً في التوترات الإقليمية، حيث يعتبر العراق مسرحاً لصراع النفوذ بين الولايات المتحدة وإيران، إذ تسعى الأخيرة لتعزيز نفوذها.
ويعتبر الهجوم على قاعدة عين الأسد جزءاً من هذه اللعبة السياسية المعقدة التي تهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية على حساب الاستقرار في المنطقة.
في المقابل، ترى الولايات المتحدة في تعزيز وجودها العسكري في العراق ضرورة لمواجهة التهديدات الإرهابية وضمان استقرار المنطقة، ويعتبر التحالف الدولي بقيادة واشنطن جزءاً من استراتيجية أوسع لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.
ماذا يجب على بغداد؟
وإذا كانت تلك المعطيات، فإن مستقبل العلاقات بين بغداد وواشنطن غير واضح في ظل هذه التطورات، على الرغم من الضغوط التي تمارسها الفصائل المسلحة، فإن الحكومة العراقية تسعى للحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة لضمان الدعم الدولي في مجالات الأمن والاقتصاد. ويبدو أن العراق يقف عند مفترق طرق حيث يتعين عليه الموازنة بين الضغوط الداخلية والتحديات الخارجية لتحقيق استقراره.
وعندئذ يجب على الحكومة العراقية أن تتخذ خطوات حاسمة للتعامل مع هذه التحديات من خلال تعزيز الحوار الداخلي، وتكثيف الجهود الدبلوماسية لتجنب تصاعد الأزمات.