تحليلاتخاص

ما بعد انتخابات كوردستان.. هل تنحني أحزاب الإقليم أمام “الكعكة”؟

بغداد/ عراق اوبزييرفر

تتجه الأنظار نحو تشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كوردستان العراق، عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في 20 نوفمبر الماضي، والتي وضعت الأحزاب الفائزة أمام تحديات جديدة لاختيار مسارها السياسي.

وتبرز ثلاثة احتمالات أمام الأحزاب الرئيسية، استمرار التحالف التقليدي بين الحزبين الحاكمين، أو محاولة استقطاب قوى معارضة، أو حتى تشكيل حكومة موسعة تشمل معظم الأطراف السياسية.

ويأتي هذا المشهد في وقت يواجه “الحزب الديمقراطي الكوردستاني”، بزعامة مسعود بارزاني، تحديات في الحفاظ على نفوذه السابق، بعد تراجع قوته مقارنة بالانتخابات السابقة، فيما حقق “الاتحاد الوطني الكوردستاني”، برئاسة بافل طالباني، تقدماً محدوداً إلى جانب صعود حركة “الجيل الجديد” كقوة معارضة بارزة.

هذا التوزيع الجديد للمقاعد يستدعي توافقات دقيقة على مستويات السلطة المختلفة، خصوصاً في ظل تباين المطالب والشروط بين الحزبين الكبيرين وبقية القوى، مما يجعل من عملية التفاوض لتشكيل الحكومة المقبلة مهمة معقدة ومفتوحة على احتمالات عديدة.

وفقد الديمقراطي الكوردستاني أغلبيته البرلمانية، على الرغم من تصدره للنتائج بحصوله على 39 مقعداً من أصل 100 مقعد، هذا التراجع يجبره على البحث عن تحالفات جديدة من أطراف المعارضة، التي سبق وأن أعلنت معظمها رفضها للمشاركة في حكومة، في حين يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني لاستثمار الفرصة لتحقيق مكاسب سياسية وانتزاع مناصب هامة مثل رئاسة الحكومة أو رئاسة الإقليم، التي يشغلها حالياً الديمقراطي الكوردستاني.

في غمرة هذا الوضع المعقد، أصبحت حركة “الجيل الجديد” أكثر قوة، حيث زادت مقاعدها من ثمانية إلى 15، ما يجعلها لاعباً مؤثراً في المعادلة السياسية، خاصةً أن المعارضة باتت تسيطر على ثلث مقاعد البرلمان تقريباً، وهو ما يعزز قدرتها على التأثير في المشهد السياسي.

تحديات إقليمية

وفي سياق التعقيدات، برزت خلافات واضحة بشأن رئاسة الحكومة؛ حيث يطالب الاتحاد الوطني بتغيير رئيس الحكومة الحالي، مسرور بارزاني، وإعادة هيكلة الحكومة بشكل يضمن تمثيلاً أوسع.

أما الحزب الديمقراطي فيطرح شروطاً تتعلق بتوحيد الحكومة وإخضاعها لسيادة شاملة، بما يشمل توحيد قوات البيشمركة وجعلها قوة وطنية غير مرتبطة بالأحزاب، كما يدعون إلى توحيد مواقف القوى حول المصالح العليا للشعب الكردي، وتعديل دستور الإقليم لضمان توافق سياسي طويل الأمد.

وفي ظل هذا الوضع المتأزم، يحتفظ الاتحاد الوطني بما يعرف بـ”الثلث المعطل”، الذي يمكنه من تعطيل جلسات البرلمان في حال عدم توافقه مع توجهات الديمقراطي، مما يزيد من تعقيد مسار التفاوض.

ويستحضر هذا الوضع سيناريو مشابه حدث في الانتخابات الاتحادية عام 2021، حين استخدمت قوى الإطار التنسيقي الثلث المعطل لتعطيل جلسات البرلمان، مما يشير إلى احتمال أن تكون المفاوضات طويلة وشاقة.

وتبرز أيضاً التأثيرات الإقليمية والدولية كعنصر فاعل في صياغة التوجهات السياسية؛ إذ يرتبط الاتحاد الوطني بمحور طهران وبغداد، بينما يعد الديمقراطي جزءاً من محور أنقرة، مما يجعل هذه التحالفات الخارجية ذات تأثير قوي في عملية تشكيل الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى