
بغداد/ عراق أوبزيرفر
تشهد الساحة العراقية تصعيدًا اقتصاديًا جديدًا يتمثل في ضغوط دولية تتعلق بملف رواتب هيئة الحشد الشعبي، وسط تحذيرات من تأثيرات مباشرة على آلية الصرف ومصير المقاتلين.
وفي تطور مفاجئ، أوقفت شركة “كي كارد” صرف رواتب منتسبي هيئة الحشد الشعبي دون سابق إنذار، ما أثار موجة من التساؤلات والانتقادات.
من جانبه أعلن مدير الدائرة المالية والإدارية في هيئة الحشد الشعبي، حسين إسماعيل، السبت، أن رواتب منتسبي الحشد مؤمنة وسيتم إطلاقها منتصف الأسبوع الجاري، مشيراً إلى استبدال البطاقات المصرفية من مصرف الرافدين إلى مصرف النهرين، فيما يجري العمل حالياً على إطلاق السلف المالية.
ويرى مراقبون أن إيقاف صرف الرواتب من قبل شركة “كي كارد” يأتي في إطار ضغوط سياسية واقتصادية تمارسها أطراف خارجية، بهدف إضعاف هيئة الحشد الشعبي والتأثير على بنيتها التنظيمية والمالية.
بدوره أكّد الخبير الاقتصادي داود الحلفي أن “الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا مباشرة على الحكومة العراقية لفرض تغييرات جذرية على طبيعة هيئة الحشد الشعبي، وذلك من خلال السيطرة على ملف الرواتب والتمويل”.
وقال الحلفي لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “الخزانة الأمريكية تتابع حركة الأموال المخصصة للرواتب في العراق بدقة، وتُشترط موافقتها المسبقة لتحويل المبالغ للحكومة، مما يمنحها تأثيرًا مباشرًا على آلية الصرف”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة تسعى لدمج الحشد الشعبي ضمن القوات المسلحة بأمرة القيادة العامة، وتسحب عنه أي طابع مستقل، مستخدمة أداة التمويل والرواتب كوسيلة ضغط لتحقيق هذا الهدف”.
وبين أن “مكاتب الصيرفة وشركات التمويل التي تتعامل مع بطاقات الكي كارت الخاصة بمقاتلي الحشد، تلقت تحذيرات بالإغلاق والعقوبات إن صرفت الرواتب، ما يعكس نية حقيقية لمنع استمرار الحشد بصيغته الحالية”.
ولفت الحلفي إلى أن “المرحلة المقبلة قد تشهد توقفًا كليًا في تسليم رواتب الحشد، ما لم يتم إيجاد آليات بديلة أو التحايل على هذه القيود، في ظل جدية الطرح الأمريكي وتلويح بالعقوبات على الجهات المخالفة”.
وتختلف التقارير في تقدير أعداد منتسبي هيئة الحشد الشعبي، إذ تشير بعض المصادر البرلمانية إلى تضخم ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مع تسجيل قفزات في الأرقام بين عامي 2021 و2023. ففي الوقت الذي قُدّر فيه عدد المقاتلين سابقًا بـ100 ألف عنصر، تجاوز العدد حاليًا حاجز الـ200 ألف، بحسب تصريحات رسمية.
وهذا التوسع رافقه ارتفاع كبير في الميزانية المخصصة للحشد، حيث ارتفعت من نحو 1 تريليون دينار عراقي إلى أكثر من 3 تريليونات دينار في موازنة 2023، أي ما يعادل نحو 2.6 مليار دولار أمريكي.
ويثير هذا النمو السريع في التعيينات والإنفاق المالي تساؤلات حول آليات الرقابة، ومدى استيعاب الجهاز الإداري والأمني لمثل هذه الأعداد، وسط تحذيرات من استخدام بعض التعيينات لأغراض سياسية أو خارج الإطار الأمني الرسمي.