العراقخاص

منذ 2018 بأدراج البرلمان.. توجه نيابي لإحياء مشروع قانون حماية المسعف والمنقذ التطوعي

بغداد/ عراق أوبزيرفر

توجّه جديد للبرلمان العراقي نحو معالجة واحدة من أكثر القضايا الإنسانية إلحاحاً في الشارع، تمثل بإعادة إحياء مشروع قانون “حماية المسعف والمنقذ التطوعي” بعد سنوات من إهماله.

وهذا المشروع الذي طُرح لأول مرة عام 2018 بقي مجمّداً في أدراج البرلمان نتيجة الظروف السياسية والمشاكل بين الأحزاب، لكنه عاد إلى الواجهة مؤخراً بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه في جلسته السابعة عشرة، وإحالته رسمياً إلى مجلس النواب لاستكمال الإجراءات الخاصة به.

ومع أن العراق يشهد يومياً حوادث مروّعة تتطلب تدخلاً عاجلاً لإنقاذ الأرواح، إلا أن غياب قانون يوفر الحماية القانونية للمتطوعين، جعل كثيرين يحجمون عن تقديم المساعدة خوفاً من الملاحقات القانونية أو ما يُعرف بـ”الفصل العشائري”، وهو ما أدى إلى تكرار حوادث تُرك فيها المصابون ينزفون حتى الموت دون تدخل أحد.

ومشروع القانون ينص على إعفاء كل من يقدم الإسعاف أو الإنقاذ من المسؤولية الجزائية، بشرط توفر النية السليمة، ويضم المشروع تسع مواد قانونية، أبرزها المادة الرابعة التي تُعدّ تهديد المسعف أو المنقذ أو المخبر بجزاء عشائري جريمة يُعاقب عليها بالسجن المؤقت.

ويمنح القانون مظلة حماية قانونية صريحة لمن يتدخل طوعاً لإنقاذ الآخرين، ويدعو إلى محاسبة أي جهة تهدد هذا الدور الإنساني أو تحاول منعه بالقوة أو التهديد.

كما يشمل المشروع تعريفاً للمسعف التطوعي، لكنه بحسب بعض المختصين لا يزال قاصراً، إذ حصر التعريف بمن يمتلك المؤهلات الطبية، دون الالتفات إلى أن كثيراً من المواطنين يمتلكون خبرات أولية قد تكون كافية في ظروف معينة لإنقاذ حياة إنسان.

خطوة متقدمة
بدوره، قال الخبير القانوني علي التميمي إن “مشروع قانون حماية المسعف التطوعي الذي أُرسل من مجلس الوزراء إلى البرلمان يمثل خطوة قانونية متقدمة ذات بُعد إنساني وأمني واجتماعي”.

وأوضح التميمي لـ”عراق أوبزيرفر” أن “مشروع القانون يتألف من تسع مواد، ويفصل بين عدة مفاهيم مثل المسعف التطوعي، وهو الشخص الذي يسعف المصابين في الشوارع أو الكوارث، والمنقذ، والمُخبر الذي يبلغ عن الحوادث، “مبينًا أن “هذه الفئات مشمولة بالحماية القانونية بموجب القانون، ولا يمكن مساءلتها أو توقيفها ما لم تكن هناك جريمة ارتُكبت بالفعل من قبلهم”.

وأشار إلى أن “مشروع القانون أجرى تعديلات على نصوص قانونية سابقة، أبرزها تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، بما يمنع مساءلة المُخبر عن أي ضرر ناتج عن البلاغ، طالما أنه تصرف بحسن نية، كما ألغى المشروع الفقرة الثانية من المادة 370 من قانون العقوبات، والتي كانت تفرض عقوبة على عدم إغاثة الملهوف، وهو ما يُعد خطوة إيجابية تعزز ثقافة التدخل السريع لإنقاذ الأرواح دون خوف من عواقب قانونية أو عشائرية”.

وأكد التميمي أن “القانون يلزم المستشفيات باستقبال المصابين وتقديم العلاج الفوري دون انتظار وصول الشرطة، كما يمنع توقيف المُخبرين ويشدد على الاكتفاء بأخذ إفاداتهم وإطلاق سراحهم لحين التحقق الكامل من الوقائع”.

وتابع “ومن أبرز ما تضمنه المشروع، فرض عقوبات صارمة بحق أي شخص يحاول ابتزاز المُسعف أو المنقذ بمطالب عشائرية أو ما يُعرف بـ(الفصل)، حيث يعاقب القانون من يلوّح أو يطالب بذلك بالسجن المؤقت لمدة قد تصل إلى 15 عامًا”.

ويستند هذا التحرك إلى مطالب مجتمعية متكررة، خاصة من الجهات التطوعية ومنظمات الإغاثة المحلية التي وثّقت حالات عديدة امتنع فيها المواطنون عن تقديم الإسعافات خشية التبعات، في وقت تكون فيه الثواني كفيلة بإنقاذ حياة إنسان، ومع دخول القانون إلى أروقة البرلمان، فإن أعين العراقيين تتجه نحو ما إذا كان هذا الملف سيشهد نهاية سعيدة أم أنه سينضم إلى قائمة طويلة من المشاريع التي أُجهضت تحت قبة الخلافات السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });