
بغداد/ عراق أوبزيرفر
يثير استبعاد العراقيين المقيمين في الخارج من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، موجة من التساؤلات، وسط اتهامات بعدم الجدية في معالجة هذا الملف طيلة السنوات الماضية.
ورغم أن الدستور العراقي يضمن حق التصويت لكل مواطن، إلا أن هذا الحق يبدو معطّلاً للمرة الثانية على التوالي، بعد أن مُنع ملايين العراقيين خارج البلاد من المشاركة في انتخابات عام 2021، وهو ما يتكرر اليوم.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن عدد العراقيين المقيمين في الخارج يقترب من 6 ملايين شخص، غالبيتهم يعيشون في بلدان أوروبية وعربية وفي اميركا ، إلى جانب دول الجوار.
وبحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن التصويت سيكون محصورًا داخل العراق فقط، ولا توجد خطة لإجراء اقتراع خارجي، ما يعني أن الناخب العراقي في الخارج عليه أن يكون حاضرًا شخصيًا في يوم الاقتراع داخل البلاد، شريطة امتلاكه بطاقة ناخب إلكترونية مفعّلة.
إقصاء أم تقصير؟
يرى مراقبون أن استبعاد ناخبي الخارج يعكس خللًا بنيويًا في التحضير للعملية الانتخابية، مشيرين إلى أن بعض القوى السياسية تفضل تقليص شريحة الناخبين لأسباب تتعلق بضمان نتائج أكثر راحة في الداخل، في وقت تتراجع فيه ثقة الشارع بنزاهة العملية الانتخابية.
ويقول متابعون إن حرمان شريحة كبيرة من العراقيين من المشاركة، لا يعكس فقط ضعف الاستعداد الإداري، بل يُثير تساؤلات حول الرغبة السياسية الحقيقية في إشراك جميع المواطنين بصرف النظر عن أماكن إقامتهم، خصوصًا وأن هذه الشريحة تضم مثقفين وأكاديميين وأصحاب رأي فاعلين في الجاليات العراقية حول العالم.
موقف دستوري واضح
في هذا السياق، أكد النائب محمد عنوز أن “مشاركة العراقيين المقيمين في الخارج تُعد من الحقوق التي كفلها الدستور العراقي، ويجب ألا تُقيّد بمكان الإقامة أو بعوائق إدارية يمكن تجاوزها”.
وقال عنوز في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر” إن “الدستور العراقي نص بوضوح على حق المواطن في أن يكون ناخبًا أو مرشحًا، وهذا الحق لا يجب أن يتأثر بمكان تواجد المواطن سواء كان داخل العراق أو خارجه”.
وشدد على أن “المفوضية والجهات الحكومية مطالبة بتوفير بيئة انتخابية شاملة تتيح لجميع العراقيين ممارسة حقهم، مشيرًا إلى أن تفعيل دور السفارات والمراكز القنصلية في الخارج يمثل حلاً عمليًا يمكن تنفيذه إذا توفرت الإرادة السياسية”.
وأضاف أن “تجاهل هذه الشريحة الواسعة لا يخدم المسار الديمقراطي، بل يسهم في إضعاف تمثيل الإرادة الوطنية الشاملة، ويُفقد العملية الانتخابية واحدة من أهم عناصرها، وهي الشمولية”.
مشهد مضطرب
وتتزامن هذه التطورات مع تزايد الضبابية في المشهد الانتخابي داخل العراق، خاصة في ظل إعلان التيار الصدري مقاطعته للانتخابات، وتكرار دعوات سياسية لتأجيل موعد الاقتراع بسبب ما تصفه بعض القوى بـ”الظروف غير الملائمة”.
وبين الاستحقاق الدستوري والواقع العملي، يبدو أن الانتخابات المقبلة قد تُجرى في ظل تمثيل منقوص، لا يشمل ملايين العراقيين في الخارج، ولا يراعي كامل التحديات المرتبطة بتراجع ثقة الجمهور، ما يُنذر بإعادة طرح سؤال مركزي: هل ما زالت الديمقراطية العراقية تُبنى على قواعد المشاركة، أم على معادلات الإقصاء؟