
بعداد/ عراق أوبزيرفر
رحبت أوساط مجتمعية بقرار الحكومة العراقية مراجعة ملفات سجناء المحافظات المحررة، معتبرةً أن هذا الإجراء يأتي استجابةً لمطالب حقوقية طالبت بضرورة إعادة النظر في أوضاع المعتقلين وتسريع عمليات التقاضي.
ويشمل القرار دراسة إمكانية نقل بعض السجناء إلى سجون قريبة من مناطق سكنهم، ما يسهم في تقليل معاناة ذويهم، خصوصًا أن بعض السجون التي يُحتجز فيها المعتقلون تقع في مناطق نائية يصعب الوصول إليها.
قرار الأمن الوطني
ونصت وثيقة صادرة عن أمانة سر مجلس الأمن الوطني في رئاسة مجلس الوزراء، والموجهة إلى وزارة العدل، على ضرورة الإسراع في استكمال ملفات سجناء المحافظات المحررة، مع التركيز على المسجونين في سجني التاجي وأبو غريب.
ووجه مجلس الأمن الوطني، على ضرورة مراجعة القضايا العالقة والتأكد من استيفاء المعتقلين لشروط المحاكمة العادلة، بما ينسجم مع القانون العراقي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وبحسب الوثيقة، فإن التوجيهات الصادرة تأتي ضمن جهود الحكومة لإعادة تقييم وضع السجون ومعالجة أي تجاوزات قد تكون حصلت خلال السنوات الماضية، في ظل مطالبات بتقديم ضمانات قانونية تضمن حقوق المعتقلين وعدم تعرضهم للإهمال أو سوء المعاملة.
ويأتي هذا التحرك بعد مطالبات ومناشدات سياسية واجتماعية بشأن ضرورة تنظيم عملية زيارة ذوي المعتقلين للسجون، خاصةً أن أغلب السجون تقع في مناطق بعيدة عن أماكن سكنهم، ما يفاقم معاناة العائلات التي تضطر إلى السفر لمسافات طويلة وتحمل أعباء مالية مرهقة.
كما أن بعض المعتقلين يعانون من أوضاع صحية سيئة تستدعي رعاية خاصة، وهو ما دفع جهات حقوقية إلى التحذير من خطورة استمرار التكدس في السجون دون توفير بيئة مناسبة تضمن الحد الأدنى من المعايير الإنسانية.
إجراء إيجابي
بدوره، قال رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان، علي العبادي، إن “موضوع نقل النزلاء إلى مناطق سكنهم أو إلى مناطق قريبة منهم هو إجراء جيد ويمثل استجابةً لمطالب مؤسسات حقوقية، من ضمنها مركز العراق لحقوق الإنسان، وهو خطوة ستنعكس بشكل إيجابي على الدولة وعلى المعتقلين أنفسهم”.
وأضاف العبادي، في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر”، أن “هناك أطرافًا تستغل وضع المعتقلين وعائلاتهم لتحقيق مكاسب مالية وحتى أخلاقية، كما أن نقلهم سيخفف من العبء الإداري على الدولة، من حيث إجراءات التنقلات والتكاليف الروتينية”.
وأشار إلى أن “هذا الإجراء سيخدم الطرفين، سواء المعتقلين أو الدولة، لكنه بحاجة إلى تطبيق وفق معايير حقوق الإنسان بعيدًا عن أي استغلال سياسي”.
وفي ظل هذه التطورات، تتجدد المطالبات بمعالجة ملف الاكتظاظ داخل السجون العراقية، حيث تعاني العديد من المؤسسات الإصلاحية من تجاوز طاقتها الاستيعابية، ما يؤدي إلى تدهور أوضاع السجناء ويؤثر سلبًا على قدرتهم في الحصول على الخدمات الأساسية.
سجون جديدة
ودعت منظمات حقوقية إلى بناء سجون جديدة بمواصفات حديثة تستوعب الأعداد المتزايدة، فضلًا عن تطوير منظومة العدالة الجنائية لتسريع المحاكمات وتقليل فترات الاحتجاز الاحتياطي.
بدوره، قال أبو رياض الجنابي، والد أحد المعتقلين في بغداد، إن “الإجراء سيسهم في تقليل معاناة العائلات التي تضطر للسفر لمسافات طويلة لمقابلة أبنائها، كما سيحد من التكاليف المالية التي تثقل كاهل الأسر، خاصة تلك التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة”.
وأكد لـ”عراق أوبزيرفر” أن “إعادة تنظيم أوضاع السجناء هي خطوة ضرورية لتحقيق العدالة وتخفيف الضغط النفسي على المعتقلين وعائلاتهم، لكن من المهم أن يتم تنفيذ هذه التغييرات بشفافية ودون تمييز”.
وفي ظل هذه التحركات، تبرز تساؤلات حول مدى إمكانية تطبيق هذا القرار بشكل واسع، وما إذا كانت الأجهزة المختصة قادرة على استيعاب عمليات النقل وإعادة التوزيع دون أن يؤثر ذلك على الأوضاع الأمنية.