بغداد/ عراق أوبزيرفر
أكثر من عام على الصراع العسكري الحدودي في لبنان، وأسابيع من حرب مفتوحة خلّفت الكثير من الضحايا والخسائر، قبل أن تحين اللحظة الحاسمة مع إعلان وقف إطلاق النار، عبر هدنة تقضي بأن تكون القوات الأمنية والجيش اللبناني هما الوحيدان المسموح لهما بحمل السلاح في الجنوب.
ولطالما شكل نهر الليطاني في جنوب لبنان مرجعية جغرافية تحدد أهدافاً عسكرية ولوجستية منذ عقود طويلة، وظل عنواناً للمواجهة العسكرية، واليوم، يكتسب النهر أهمية جديدة كعلامة جيوسياسية بارزة.
ويُعد الليطاني النهر الأطول في لبنان، حيث يبلغ طوله نحو 170 كيلومتراً، وتُعرف المنطقة الواقعة شمال الجسور باتجاه العاصمة بيروت باسم “شمال الليطاني”، بينما تُسمى المناطق الممتدة نحو الحدود مع إسرائيل “جنوب الليطاني”.
تبلغ المساحة الكلية لجنوب الليطاني نحو 850 كيلومتراً مربعاً، ويقطنها حوالي 200 ألف نسمة، أما المسافة بين النهر والحدود مع إسرائيل، والمعروفة بـ”الخط الأزرق”، فتتراوح بين 6 و28 كيلومتراً.
ما الغاية من دفع حزب الله وراء الليطاني؟
وخلال السنوات الماضية، تمكن حزب الله من توسيع وتطوير ترسانته العسكرية، التي باتت تتألف من 120 ألفاً إلى 200 ألف من القذائف والصواريخ، بما في ذلك الصاروخ الباليستي “قادر 1″، الذي يتراوح مداه بين 1350 و1950 كيلومتراً.
في المقابل، تمتلك إسرائيل منظومات دفاعية متطورة مثل “القبة الحديدية” و”أرو 3″، التي تستطيع التصدي لصواريخ مثل “قادر 1″ و”فاتح 110”.
لكن حزب الله أظهر فعالية في استخدام صواريخ مضادة للدروع مثل “كونكورس”، “كورنيت”، و”الماس”، التي يتراوح مداها بين 2 و8 كيلومترات، ولا تستطيع منظومات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية التصدي لها، لذلك، تسعى إسرائيل لإبعاد حزب الله وصواريخه عن مدى هذه الصواريخ، وخلق منطقة عازلة لتأمين شمال إسرائيل.
وتهدف الهدنة الجديدة إلى تحقيق أكثر من مجرد وقف لإطلاق النار، فهي تسعى إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة، وتقليص قدرات حزب الله الهجومية عبر إبعاده عن الحدود مع إسرائيل، وضمان أن يظل الجنوب اللبناني تحت سيطرة الجيش اللبناني وقوات الأمن، كما أنها تُرسل رسالة سياسية مفادها أن التحركات العسكرية في المنطقة تخضع لمعادلات جديدة، قد تحد من نفوذ الأطراف غير الحكومية المسلحة.
وهذا التطور يعكس الجهود الدولية والإقليمية لاحتواء النزاع وضمان عدم تصعيد التوترات بشكل أكبر، ما قد يهدد الاستقرار في لبنان والمنطقة بأسرها.