
متابعة/ عراق اوبزيرفر
تثار تساؤلات حول ما إذا كانت حماس ستجرؤ على بدء الهجوم لو كان ترامب في منصبه، لكن وجهة نظر أخرى تشير إلى أن التفويض المطلق الممنوح لنتنياهو ربما جعل الهجوم أكثر احتمالا.
ويسلط هذا الانقسام الضوء على الاختلاف الرئيسي في كيفية تعامل الجمهوريين والديمقراطيين مع إيران، الممول الرئيسي لحماس، وفق مراقبين الذين اكدوا ان التاريخ هنا مشوش فتارة يكون مع فلسطين وتارة اخرى مع اسرائيل حسب مصالح كل رئيس وتوجهاته .
وبمقارنة بين أداء الرئيسين الأمريكيين، أشار المراقبون إلى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم في عهد أوباما، وإعادة فرض العقوبات عليها، في حين واجه بايدن انتقادات بسبب إفراجه عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحجوزة، في صفقة تبادل سجناء مع إيران، مثيرا المخاوف بشأن التمويل المحتمل لحماس.
بايدن ومستنقع الحروب
وذكر المراقبون أن داعمي سياسة ترامب يؤكدون أن إدارة بايدن بعيدة كل البعد عن الواقع المتطور في الشرق الأوسط، حيث إن مزاعم التورط الإيراني في الصراع الحالي، رغم عدم ثبوتها، تكشف عن فجوة محتملة في فهم الإدارة الأمريكية لهذا الواقع.
ومع احتدام الصراع الأخير بين إسرائيل وحماس، أصبح من الواضح على نحو متزايد أن الشرق الأوسط ما زال منطقة ملتهبة، وهو ما يتناقض مع التوقعات الأولية للسلام والاستقرار في المنطقة.
في هذا السياق، نشرت صحيفة “تيليغراف” البريطانية رواية مثيرة للاهتمام في ما يتعلق بالسياسات الخارجية للرئيسين الأمريكيين، دونالد ترامب وجو بايدن.
الصحيفة أشارت إلى أنه بالرغم من الانتقادات التي واجهها ترامب في السابق، فإن فترة ولايته لم تشهد أي حروب جديدة.
في المقابل، يجد الرئيس بايدن نفسه يبحر عبر صراعين حظيا باهتمام دولي، الأول بين أوكرانيا وروسيا، والثاني بين إسرائيل وحماس.
ووفقا للصحيفة، كان رد بايدن على الأزمة الإسرائيلية قويا، وحظي بالثناء على موقفه الثابت، إلا أن سجلات ترامب في ما يتعلق بإسرائيل، على الرغم من تصريحاته المثيرة للجدل، كانت مفضلة بشكل كبير من قبل الإسرائيليين.
فقد أدت إجراءاته، مثل الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، وتيسير “اتفاقيات إبراهيم”، إلى تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، كما أتاحت هذه الاتفاقيات أيضًا تعزيز مقاومة تلك الدول لإيران، مع توصيات مقترحة لشراء أسلحة من الولايات المتحدة.
إمطار غزة بالقنابل
سابع أيام الحرب الإسرائيلية الفلسطينية بطوفان الاقصى دخل طوفان الاقصى اليوم السبت، غزة تحت وابل من القصف وأمطار من القنابل، وسط أرقام وإحصائيات صاعقة.
6000 آلاف قنبلة في 6 أيام ضُربت على مساحة تعادل 365 كلم مربعا، أرقام تعادل بمقارنة بسيطة قرابة ثلاثة أضعاف ما أسقطه التحالف الدولي ضد تنظيم داعش شهرياً على مساحة 46000 كلم مربع في سوريا والعراق، وذلك بحسب تشارلز ليستر، مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط.
ليس هذا فحسب، بل إن ما استقبلته سماء غزة في أقل من أسبوع، أسقطته واشنطن في أفغانستان خلال عام كامل، حيث أطلقت واشنطن ما يفوق بقليل الـ 7423 قنبلة وصاروخا على أفغانستان في سنة كاملة، وهو رقم قد تصل إليه إسرائيل في الساعات القادمة، مع فوارق الجغرافيا بين المدن؛ فغزة منطقة أصغر بكثير، وأكثر كثافة سكانية، بحسب ما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
أما في ليبيا، ووفقا للأمم المتحدة، فطوال الحرب هناك، ضرب حلف شمال الأطلسي نحو 7600 قنبلة وصاروخ، كل هذا والأرقام قابلة في غزة للزيادة، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي شن غارات مكثفة في قطاع غزة مؤخرا، هاجم فيها نحو 750 “هدفا عسكريا” في القطاع.
دعم إضافي
هذا وأعلنت واشنطن تقديم “دعم إضافي” لحليفتها إسرائيل وتحريك حاملة طائرات إلى شرق المتوسط إثر هجمات لحركة حماس أكد مسؤولون أمريكيون أنها أودت بأربعة من مواطنيهم، مرجحين وقوع غيرهم في الأسر.
وأمر الرئيس جو بايدن بتوفير هذا الدعم، وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن مساعدة عسكرية أمريكية في طريقها إلى إسرائيل، وفق ما أعلن البيت الأبيض، الأحد.
وأكد أن “الرئيس أمر بدعم إضافي لإسرائيل في مواجهة الهجوم الإرهابي غير المسبوق لحماس”، وأن بايدن ونتنياهو “ناقشا أيضًا الجهود القائمة لضمان ألا يعتقد أعداء إسرائيل أنهم يستطيعون النيل منها، أو أن عليهم استغلال الوضع الراهن”.
وفي إجراءات عملية، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان إن “حكومة الولايات المتحدة ستزود قوات الدفاع الإسرائيلية بشكل عاجل بمعدات وموارد إضافية، بينها ذخائر”.
وأضاف أنه وجّه حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” والسفن الحربية المرافقة لها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وأن واشنطن تعمل على تعزيز أسراب الطائرات المقاتلة في المنطقة.
وتابع أن إرسال سفن أمريكية وطائرات ومساعدات لإسرائيل “يعكس الدعم الأمريكي القوي لقوات الدفاع الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي”.
وأكدت القيادة الأمريكية الوسطى في وقت لاحق أن السفن والطائرات بدأت التحرك نحو نقاط انتشارها الجديدة.
وسارعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة، الى اعتبار هذا الدعم الأمريكي بمثابة “مشاركة فعلية في العدوان” على الفلسطينيين.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم الحركة في بيان إن “إعلان الولايات المتحدة استقدام حاملة طائرات للمنطقة لدعم الاحتلال في عدوانه على شعبنا، هو مشاركة فعلية في العدوان على شعبنا، ومحاولة لترميم معنويات جيش الاحتلال المنهارة بعد هجوم كتائب القسام”.
وأكد أن “هذه التحركات لا تُخيف شعبنا ولا مقاومته التي ستواصل دفاعها عن شعبنا ومقدساتنا في معركة طوفان الأقصى” التي أطلقتها الحركة السبت.
ونفذت الحركة من خلال هذه العملية، قصفًا صاروخيًّا وعمليات توغل بري وأسر. وأدى الهجوم إلى مقتل أكثر من 700 إسرائيلي، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي فجر الإثنين. وتقوم إسرائيل ردًّا على الهجوم، بشنّ غارات جوية وضربات مدفعية مكثفة في غزة.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة من جهتها، “استشهاد 413 مواطنًا” وإصابة 2300 شخص جراء القصف.
“الحصيلة سترتفع”
وأتى الإعلان عن دعم واشنطن بعدما أكد مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية السبت أن مناقشات رفيعة المستوى تجري بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين بشأن المساعدات العسكرية.
وأكد البيت الأبيض أن المسؤولين الأمريكيين على اتصال مع الإسرائيليين و”نظرائهم في أنحاء المنطقة”.
وألقى بايدن خطابًا السبت تعهد فيه بتقديم الدعم لإسرائيل، الحليف الرئيس لواشنطن في الشرق الأوسط، بعد الهجوم المباغت الذي شنته حماس.
وذكّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأحد بأن الرئيس الأسبق باراك أوباما وقّع العام 2016 اتفاقًا مع إسرائيل “لتزويدها بـ 3,8 مليار دولار من المساعدة العسكرية سنويًّا”.
على صعيد آخر، أشار بلينكن إلى أن واشنطن تتحقق من معلومات مفادها بأن أمريكيين هم بين ضحايا الهجمات.
وفي وقت لاحق الأحد، أكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي وجود عدد من القتلى الأمريكيين، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بهذا الشأن.
إلا أن زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قال بعد إحاطة أمنية، إن “الإدارة أبلغتنا بأنها على علم بوجود أربعة (قتلى) حتى الآن، لكن للأسف نعلم أن الحصيلة سترتفع”.
وأكدت السلطات الإسرائيلية أن مقاتلي حماس أسروا ما لا يقل عن 100 شخص.
وأوضح السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل هرتسوغ أن بين هؤلاء مواطنين أمريكيين.
وألمح بلينكن بدوره إلى احتمال وجود أسرى أمريكيين. وقال لشبكة “ايه بي سي”، إن “هذا هجوم إرهابي هائل تمّ خلاله قتل المدنيين الإسرائيليين في بلدانهم، في منازلهم، وكما رأينا، جرّ الناس حرفيا عبر الحدود إلى غزة”.
وتابع “يمكنكم أن تتخيلوا تأثير ذلك على امتداد إسرائيل. ويجب أن يثور العالم بسبب ما رآه”.
“إدانة شديدة”
ودعت الولايات المتحدة الأحد أعضاء مجلس الأمن الدولي الذين عقدوا جلسة طارئة إلى إدانة “حازمة” للهجوم.
وصرح مساعد السفير الأمريكي لدى المنظمة الدولية روبرت وود للصحافيين “نأمل بأن يدين جميع أعضاء مجلس الأمن بحزم ما حصل” في إسرائيل.
وأضاف “نأمل بأن نسمع من الأعضاء الآخرين في المجلس إدانة شديدة لهذه الأفعال الإرهابية المشينة التي ارتكبت بحق الشعب الإسرائيلي وحكومته”.
ومن بكين، أعرب زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر عن “خيبة أمل كبيرة” من الموقف الصيني حيال عملية حماس.
واعتبر خلال لقاء مع وزير الخارجية الصينية وانغ يي، أن بيان بكين “لم يظهر أي تعاطف مع إسرائيل أو دعم لها خلال هذه الأوقات الصعبة والمضطربة”.
وكان سفير الصين في مجلس الأمن زانغ جون أكد أن بلاده “تدين كل الهجمات ضد المدنيين”، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة العودة إلى عملية سلام تفضي إلى حل يقوم على مبدأ الدولتين.
وأشار السفير الإسرائيلي جلعاد إردان إلى وجود “طلب وحيد” لإسرائيل من مجلس الأمن وهو “وجوب إدانة جرائم الحرب (التي ترتكبها) حماس بشكل لا لبس فيه. هذه الفظائع التي لا يمكن تصوّرها يجب أن تدان”.
وتابع “يجب أن تتلقى إسرائيل دعمًا قويًّا للدفاع عن نفسها”.
ورد المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور الذي يمثّل السلطة الفلسطينية وليس حركة حماس، بالقول “للأسف بالنسبة إلى بعض وسائل الإعلام والمسؤولين السياسيين، لا يبدأ التاريخ إلا عندما يُقتل إسرائيليون”.
وقال “لن نقبل أبدًا بخطاب يشوه إنسانيتنا وينكر حقوقنا، بخطاب يتجاهل احتلال أرضنا وقمع شعبنا”.
وأضاف “ليس الوقت الآن مناسبًا للسماح لإسرائيل بالتمادي في خياراتها الرهيبة. حان الوقت لإبلاغ إسرائيل بوجوب أن تغيّر مسارها، وبوجود طريق للسلام لا يُقتل فيه الفلسطينيون ولا الإسرائيليون”.