
متابعة/ عراق اوبزيرفر
يرى سياسيون، إن تعقيدات العملية الإسرائيلية في قطاع غزة اجتذبت الاهتمام العالمي وأثارت مخاوف بالغة الأهمية، وخشية أن تصبح تل أبيب وواشنطن أكثر عزلة بسبب ذلك.
وأضافوا ، أن “تركيز الإدارة الأمريكية مؤخراً على الوقت المحدود المتاح للعمليات الإسرائيلية يعكس مخاوف متزايدة بشأن تزايد الخسائر في صفوف المدنيين والتأثير المحتمل على المدى الطويل على الديناميكيات الإقليمية”.
تعاطف عالمي
الى ذلك ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ،اليوم الجمعة ،إلى القلق الذي أبداه الجنرال تشارلز براون جونيور، رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، دون أن يدعو إلى وقف لإطلاق النار، لكنه أعرب عن مخاوفه من أن كل ضحية مدنية في غزة يمكن أن تساهم في تجنيد محتمل لأنصار حماس في المستقبل.
وأكدت الصحيفة أن التعاطف العالمي المتزايد مع القضية الفلسطينية، والذي يتناقض مع إصرار إسرائيل على تفكيك حماس، كان سبباً في تعقيد مشهد الصراع، الأمر الذي أثار وجهات نظر متباينة ومناقشات دولية.
بدوره أوضح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن عدد المدنيين الذين قتلوا في قطاع غزة يظهر أن هناك شيئًا “خاطئًا بشكل واضح” في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس.
وقال مسؤولون أمريكيون إن قرار إسرائيل السريع بشن عمليات برية في القطاع المكتظ بالسكان لم يترك سوى القليل من الوقت للتخطيط المسبق للتخفيف من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون.
ففي الشهر الأول، قُتل حوالي 10 آلاف شخص، حوالي 40 بالمائة منهم أطفال ومراهقون، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، التي تحكمها حماس.
“البنية التحتية والسكان”
وذكرت “نيويورك تايمز” أن “المشهد الاستراتيجي في الصراع يمثل تحديًا خاصًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية بسبب البنية التحتية المكتظة بالسكان، وبالتالي تفاقم خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين، خاصة في حالات الاستهداف الدقيقة، وهو ما يمثله اقتراب القوات الإسرائيلية من مستشفى الشفاء في مدينة غزة، مع وجود أنباء عن استخدام المستشفى كمركز قيادة لحماس”.
لكن الولايات المتحدة دعت إلى استخدام استراتيجيات استهداف أكثر دقة للحد من الأضرار الجانبية، مع التأكيد على ضرورة قيام القوات الإسرائيلية بفتح ممرات إنسانية محدودة، وفق المصدر ذاته.
وأضاف أنه “كلما طال أمد الصراع، كلما أصبحت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة أكثر عزلة في الوقت الذي تدعو فيه الدول في جميع أنحاء العالم إلى وقف إطلاق النار،إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن”.
وختم التقرير قائلا إن “الديناميكيات المتطورة في غزة تؤكد على خطورة الوضع، حيث يشكل التفاعل بين الأهداف العسكرية، والسلامة المدنية، والتصورات العالمية تحدياً هائلاً أمام الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس”.
وفي السياق اعتبر تقرير إخباري فرنسي أن الولايات المتحدة تحاول من خلال استعراض القوة والردع، التوفيق بين حماية مصالحها في المنطقة، وبين تفادي تحول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس إلى مواجهة إقليمية.
وسلط التقرير، الذي نشره موقع تلفزيون “فرانس 24″، الضوء على القصف الذي شنته القوات الجوية الأمريكية على أهداف في سوريا، الأربعاء الماضي، وهي أهداف قالت إنها مرتبطة بإيران في سوريا للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين.
وأكد التقرير أن استعراض القوة الأمريكي في سوريا، يهدف بالأساس إلى الردع، إلا أن الحد من تصعيد الصراع لا يزال بعيد المنال، مشيرًا إلى أن واشنطن تهدف إلى الحد من تصعيد التوترات عقب هذه الغارة الجوية الجديدة.
وقال البيت الأبيض: “نفذت القوات المسلحة الأمريكية ضربة دفاع عن النفس ضد منشأة في شرق سوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة له”.
استهداف المدنيين
وأضاف تقرير “فرانس 24” أن المسؤولين الأمريكيين حرصوا على تأكيد الجانب المحدود لهذه العملية العسكرية، ونقل الموقع عن مسؤول عسكري أمريكي قوله: “نحن على يقين تام من أنه لم تقع إصابات بين المدنيين خلال هذه الضربة”.
وأضاف، الثابت أن الولايات المتحدة “استخدمت خط منع الاشتباك مع روسيا، قبل هذه الضربة”، وفق تعبيره، وهو مصطلح يشير إلى خط الاتصال الخاص الذي أقيم بين موسكو وواشنطن لتجنب أي مفاجآت عسكرية غير سارة في سوريا.
ولخص المتخصص في القضايا الأمنية والعسكرية في جامعة دورهام الإسرائيلية، روبرت جيست بينفولد، المسألة بالقول: “من الواضح أنه كان عملًا ردعيًا، لأن الضربة تم تحديد معاييرها بهدف إحداث أقل قدر ممكن من الضرر، في حين أن الهدف في الحرب هو تحقيق أقصى قدر من الدمار”، وفق “فرانس 24”.
ولفت التقرير إلى تعليق الخبيرة في القضايا العسكرية في الشرق الأوسط بجامعة بورتسموث، فيرونيكا بونيشكوفا، والتي قالت: “هذا ما نسميه الأهداف منخفضة الشدة”، حيث حرص الأمريكيون على التأكد من أن احتمال وقوع أضرار جانبية وخسائر بشرية هو احتمال ضئيل، حيث يدرك الجيش الأمريكي أنه يتقدم في حقل ألغام منذ أن أرسل حاملات طائراته وأكثر من ألف جندي بري إلى المنطقة.
وأشارت بونيشكوفا إلى أن استعراض القوة الأمريكي الأخير يهدف “بشكل أساس إلى إثناء ” حزب الله وإيران عن فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل”.
فيما اعتبر روبرت جيست بينفولد أن مجرد وجود هذه الوحدة الأمريكية قبالة الساحل الإسرائيلي “يزيد التوترات ويضاعف مخاطر وقوع حوادث”.
الدعم الامريكي
وفي الجهة المقابلة، يُنظرُ إلى هذا الاستعراض للقوة العسكرية على أنه دليل مضاف على الدعم الأمريكي للمجهود الحربي الإسرائيلي، ومن شأنه أن يعزز شرعية الهجمات ضد المصالح الأمريكية في المنطقة من قبل الجماعات الموالية لإيران، وفقًا للتقرير.
ومن الناحية العسكرية تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة معادلة صعبة يتعين عليها إدارتها، وهي منع الهجمات ضد مواقعها في الشرق الأوسط، والقيام بكل شيء حتى تظل الحرب مقتصرة على قطاع غزة، دون أن تتوسع لتطال مجالات أخرى.
لكن بونيشكوفا أشارت إلى أن المشكلة تكمنُ في أن “الردع لا ينجح إلا إذا كنا نتعامل مع جهات عقلانية يمكننا توقع ردود أفعالها، وهو ما لا ينطبق بالضرورة على الجماعات والحركات الموالية لإيران، من قبيل حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن”، وفق تقديرها.
أما روبرت جيست بينفولد، فقد بين أنه “عادة ما يكون هناك نوع من توازن الردع، وهو ما يعني أن كلا الجانبين يتفقان ضمنيًا على ما يمكن التسامح معه عسكريًا دون التسبب في التصعيد”، وبعبارة أخرى، سيختبر كل طرف من أطراف النزاع حدود الآخر.