
بغداد/ عراق أوبزيرفر
تواجه منطقة هور الحويزة تهديدًا بيئيًا خطيرًا نتيجة للأنشطة النفطية المتسارعة التي تُنفّذ داخل حدودها المحمية من عمليات استكشاف تنفذها شركات أجنبية داخل نطاق المناطق البيئية الحساسة.
وبحسب مصادر ميدانية وتقارير موثقة، فقد دخلت آليات ومعدات تابعة لشركات نفطية إلى مناطق محمية بيئيًا ضمن حدود هور الحويزة، بما في ذلك “الكورزون” وهي المنطقة ذات الحماية القصوى، إضافة إلى “البوفرزون” التي تشكّل الحزام العازل حولها.
وتشير الشهادات إلى أن أعمال المسح الزلزالي والتنقيب تمت دون الالتزام بالضوابط البيئية المعتمدة، وسط غياب رقابي من الجهات المختصة.
بدوره أكد عضو مجلس النواب رائد المالكي رصد وقوع تجاوزات على هور الحويزة من قبل آليات نفطية.
وقال المالكي في منشور على فيسبوك إنه “تم رصد تجاوزات من قبل اليات تابعة الى وزارة النفط على محرمات الممتلك الثقافي والطبيعي لهور الحويزة المدرج على لائحة التراث العالمي، وبجوار محطة ادارة هور الحويزة ومضيف مركز انعاش الاهوار”.
ويرى مراقبون أن خطورة ما يجري في هور الحويزة لا تكمن فقط في الانتهاك المباشر للمناطق البيئية المحمية، بل في تداعياته الممتدة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، إذ تُعد الأهوار مصدر رزق أساسي لآلاف السكان المحليين ممن يعتمدون على الصيد، وتربية الجاموس، والزراعة، إضافة إلى الأنشطة السياحية البيئية التي تضررت بفعل التلوث وتشويه البيئة الطبيعية.
تحذيرات من التداعيات
بدوره حذر الخبير البيئي أحمد صالح من التأثيرات البيئية والاجتماعية السلبية المترتبة على عمليات استكشاف النفط التي تنفذها شركة “جيو جيد” الصينية داخل هور الحويزة، مؤكدًا أن هذه الأنشطة تمثل تهديدًا مباشرًا للنظام البيئي في المنطقة.
وقال صالح لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “الاستكشاف الجديد له تأثير مباشر من حيث الانبعاثات الغازية، والروائح، والأبخرة، والضوء، مع تأثيرات غير مباشرة تتعلق بترحيل السكان المحليين ومنعهم من ممارسة أنشطتهم التقليدية مثل الصيد وتربية الجاموس”.
وأشار إلى أن “الأضرار لا تتوقف عند البيئة فقط، بل تمتد لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، حيث تهدد بفقدان المهن التراثية المرتبطة بالنساء مثل صناعة الألبان والغزل، ما قد يؤدي إلى تراجع في الحرف التقليدية وإضعاف دور المرأة الريفية”.
وأكد صالح “وجود أدلة ميدانية على هذه التجاوزات، منها انتشار مجسات زلزالية وآليات ثقيلة داخل المناطق المحمية في الهور، ومنها “الكورزون” و”البوفرزون”.
ودعا الجهات الحكومية إلى “التدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات وحماية الهور من التدهور، لما له من أهمية بيئية وثقافية وإنسانية على مستوى العراق والمنطقة”.
ورغم الأهمية الاقتصادية لمشاريع استكشاف وتطوير الحقول النفطية، يرى مختصون أن العراق يمتلك احتياطيات ضخمة من النفط موزعة في مناطق متعددة، مما يتيح للجهات المعنية إمكانية توجيه هذه الأنشطة نحو مواقع أقل حساسية بيئيًا واجتماعيًا، فالأهوار، وعلى رأسها هور الحويزة، ليست مجرد مسطحات مائية، بل منظومات حيوية ترتبط بها حياة مجتمعات كاملة وتُصنّف ضمن الإرث البيئي والثقافي العالمي.