العراقالمحررخاصرئيسية

ورود وأسرار.. حكايات حب لا تروى الا في “الفالنتاين”

بغداد / عراق اوبزيرفر

في زحام شارع المتنبي، حيث اعتاد العراقيون البحث عن الكتب والقصائد، يمر الشاب مصطفى (23 عامًا) بين الأكشاك، ممسكا بكتاب صغير يحمل عنوان “رسائل حب قديمة”. عيناه تراقبان المارة، وشفتاه تنفرجان عن ابتسامة خفيفة. إنه عيد الحب، أو كما يسمّيه البعض هنا “عيد العشاق”، والمناسبة ليست مجرد يوم يملؤه اللون الأحمر، بل لحظة يهرب فيها الشباب من ضجيج الحياة اليومية إلى عالم أكثر دفئا.

“أحب هذا اليوم لأنه يمنحنا فرصة للخروج عن المألوف، نهرب قليلًا من الأخبار السياسية والأزمات اليومية، لنعيش لحظة رومانسية، حتى لو كانت قصيرة”، يقول مصطفى، وهو يتصفح صفحات الكتاب ببطء.

الحب في زمن الصعوبات

على بعد خطوات، يقف أبو علي (57 عاما)، بائع الورود المعروف في شارع الرشيد، وراء كشكه الصغير الذي يغرق في بحر من الورود الحمراء والبيضاء، تتراقص بتلاتها تحت نسيم بغداد البارد. منذ أكثر من عشرين عاما، يبيع الورود في مثل هذا اليوم، لكنه يقول إن الأمور تغيرت كثيرا.

“في الماضي، كان الناس يشترون الورود بحب حقيقي، ليس فقط للأزواج أو العشاق، بل حتى للأمهات والأصدقاء. أما اليوم، فالبعض يشتريها مجاملة، وهناك من يخاف أن ينتقد لمجرد احتفاله بعيد الحب”، يقول وهو يلف وردة حمراء في ورق شفاف، ويضيف بنبرة ساخرة: “لكن في النهاية، الحب لا يقاس بعدد الورود، بل بالصدق الذي يحمله القلب”.

ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، يجد بعض الشباب العراقيين طرقا مبتكرة للاحتفال، حتى لو بميزانية محدودة.

“لا أحتاج إلى هدية فاخرة، يكفيني أن نحظى بوقت جميل معا”، تقول سارة (21 عاما)، وهي طالبة جامعية جاءت إلى الكشك لشراء وردة لخطيبها.

موعد مزدحم بالحب

في أحد مقاهي الكرادة، يزدحم المكان بالأزواج والمخطوبين. الطاولات مزينة بشموع حمراء، ونغمات فيروز تملأ الأجواء. أحمد (27 عاما) يجلس مع خطيبته رُبى، وبين يديه علبة صغيرة مغلّفة بشريط ذهبي.

“هذه أول مرة أحتفل بعيد الحب بعد خطوبتنا، وأردت أن تكون مميزة”، يقول أحمد وهو يفتح العلبة ليكشف عن سوار من ذهب. تبتسم رُبى، وتمسك بالسوار بحنان قبل أن تهمس: “الأهم عندي أنك تذكّرتني”.

لكن ليس الجميع سعداء في هذا اليوم. ياسمين (30 عاما)، شابة تعمل في مجال الصحافة، تبتسم وهي تنظر إلى الأزواج من طاولتها المنفردة.

“أحب عيد الحب، لكنني أؤمن أن الحب ليس ليوم واحد فقط. الحب الحقيقي يظهر في الأيام العادية، في التفاصيل الصغيرة، عندما يهتم بك أحدهم دون مناسبة”، تقول وهي تحتسي كوب الشاي.

عيد الحب بين التأييد والرفض

وكما في كل عام، يثير عيد الحب الجدل بين مؤيد ومعارض. يرى البعض أنه مناسبة جميلة لنشر المحبة، بينما يعتبره آخرون تقليدا غربيا لا يتناسب مع ثقافة المجتمع.

“لا أعتقد أن الاحتفال بالحب يجب أن يكون محصورا في هذا اليوم فقط، لكنني لا أرى ضررا في أن يعبر الناس عن مشاعرهم”، يقول حسن، عامل في احد المطاعم.

بينما ترى أم محمد (50 عاما) أن هذه المناسبة ليست من تقاليد العراق، وتقول: “زماننا كان الحب مختلفا، لم نكن نحتاج إلى يوم مخصص له. اليوم، الشباب يبالغون في الاحتفال، وكأن الحب مجرد مناسبة سنوية!”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });