بغداد/ عراق أوبزيرفر
تمثل العملية التربوية تحدياً كبيراً للسلطات العراقية، خاصة بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي أثرت بشكل مباشر على مستوى الخدمات التعليمية، في ظل تزايد أعداد الطلاب، ونقص الأبنية المدرسية، وضعف البنية التحتية.
وأعلنت وزارة التربية العراقية اليوم السبت، عن استعداداتها للعام الدراسي الجديد الذي ينطلق غداً الأحد بمشاركة أكثر من 12 مليون طالب.
ووفقًا لتصريحات للمتحدث باسم الوزارة كريم السيد فإن “استعدادات وزارة التربية لهذا العام هي الأفضل من الأعوام الماضية”، مشيرًا إلى طباعة الكتب وتجهيزها مبكرًا مقارنةً بالسنوات السابقة التي شهدت تأخيرًا وتلكؤًا في هذا الصدد.
وأضاف السيد أن هناك تهيئة لأبنية مدرسية جديدة ضمن مشروع الـ 1000 مدرسة التي ستدخل الخدمة هذا العام. يأتي ذلك في إطار محاولة تحسين مستوى الخدمات التعليمية في البلاد.
وتشير الأرقام إلى وجود أكثر من 12 مليون طالب في جميع مراحل التعليم، بما فيهم أكثر من مليون و200 ألف تلميذ في الصف الأول الابتدائي وحده، وهو ما يفرض ضغوطًا هائلة على النظام التعليمي الذي يعاني منذ سنوات من تدهور مستمر في البنية التحتية التعليمية.
وتعاني أغلب المدارس في العراق من نقص حاد في التجهيزات الأساسية، إذ أن هناك مدارس تُفتتح في مبانٍ قديمة ومتهالكة لا تصلح للتدريس، وبعضها لا يتوفر فيها حتى المرافق الأساسية كالمياه الصالحة للشرب ودورات المياه النظيفة.
وبحسب وزارة التربية، فإن هناك نحو 8 آلاف مدرسة بحاجة إلى صيانة عاجلة، بينما تواجه بعض المناطق الريفية نقصًا في الأبنية المدرسية، ما يؤدي إلى تكدس أعداد كبيرة من الطلاب في صفوف ضيقة، الأمر الذي يؤثر سلبًا على جودة التعليم ويقلل من قدرة المدرسين على متابعة جميع الطلاب.
نقص الكوادر التربوية
بالإضافة إلى ذلك، تعاني العملية التربوية في العراق، من نقص في الكوادر التعليمية المؤهلة، حيث تشير تقديرات وزارة التربية، إلى أن العراق يحتاج إلى نحو 40 ألف مدرس جديد لتغطية الاحتياجات الحالية، وخاصة في المناطق النائية.
يُضاف إلى ذلك غياب التدريب المستمر للمدرسين الحاليين، حيث تفتقر أغلب المدارس إلى برامج تطوير مهني تُساعد المدرسين على مواكبة التغيرات في المناهج التعليمية وطرق التدريس الحديثة، كما أن الكثير من المعلمين يعانون من تدني الرواتب والضغوط الاقتصادية.
ومع بداية كل عام جديد، تبرز قضية طباعة الكتب المدرسية، حيث شهدت سنوات سابقة نقصا حادا في توفر الكتب، ما دفع الأهالي إلى شراء النسخ المطلوبة من المكتبات التجارية بأسعار مرتفعة، يُضاف إلى ذلك ما تعانيه المدارس من نقص في الأجهزة التعليمية الحديثة، مثل الحواسيب والألواح الذكية، التي أصبحت موجودة في مدارس العالم لمواكبة التطور التكنلوجي.
التسرب من التعليم
وإذا فُتح ملف التعليم، فإنه لا يمكن تخطي مسألة التسرب الدراسي، حيث يواجه التعليم العراقي مشكلة التسرب الدراسي، خاصة في المناطق الفقيرة والريفية.
ويترك العديد من الأطفال المدارس في سن مبكرة للمساهمة في إعالة أسرهم، ما يزيد من معدلات الأمية ويُعطل فرص التنمية في المجتمع، ووفقاً لإحصائيات وزارة التخطيط العراقية، فإن نسبة الأمية بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا تبلغ حوالي 14%، وهي نسبة مقلقة تعكس عدم كفاية الإجراءات الحكومية لمعالجة هذه الظاهرة، التي تصاعدت على مدار السنوات.
الأزمات السياسية والاقتصادية
وللأزمات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية، والهجمات الإرهابية، والنزاعات المسلحة، والاضطرابات السياسية المتكررة، أُثراً بشكل مباشر على البيئة التعليمية، باعتبار أن الكثير من المدارس تعرضت للهدم أو الحرق، خاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش”.
ورغم تحرير هذه المناطق، إلا أن عملية إعادة بناء المدارس وتجهيزها لا تزال بطيئة وتواجه تحديات مالية كبيرة.