
البصرة/ عراق أوبزيرفر
حالة من الجدل تعيشها محافظة البصرة جنوبي العراق، بعد الحديث عن إنفاق تسعة مليارات دينار على مشروع فوانيس رمضان، فيما بدأ مجلس المحافظة بالتحقيق في الواقعة.
وبدأت القصة عندما لاحظ المواطنون فوانيس رمضان معلقة بين أعمدة الكهرباء، احتفاءً بالشهر الفضيل، قبل أن تتكشف معلومات رسمية عن إنفاق مبالغ طائلة على المشروع، ما أثار جدلاً واسعاً حول أولوية هذه المصروفات في ظل معاناة المدينة من أزمات خدمية وصحية متفاقمة.
بدوره، قال عضو مجلس محافظة البصرة، علي العبادي، إن “المبالغ المصروفة على مشروع فوانيس رمضان، إن كانت صحيحة، فهي تمثل هدراً للمال العام، خاصة في ظل الحاجة الملحة لدعم المستشفيات وبناء المدارس وتحسين الخدمات في المحافظة”.
وأضاف العبادي في تعليق لوسائل إعلام عراقية، أن “الرقم المتداول، والذي يُقدر بـ9 مليارات دينار، (نحو 7 ملايين دولار) وسنخاطب البلدية للكشف عن ذلك، مع مطالبة الشركة المنفذة بتوضيح تفاصيل المشروع”، مشدداً على أهمية التدقيق في مثل هذه المشاريع لضمان عدم إهدار الأموال في ظل التحديات التي تواجهها البصرة”.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحادثة، حيث تفاعل المواطنون بتعليقات غاضبة ورسائل تطالب بمحاسبة الجهات المسؤولة عن المشروع، معتبرين أن المبالغ المصروفة على الفوانيس كان من الممكن استثمارها في مشاريع أكثر أولوية.
وفي بلد يحتل مراتب متقدمة ضمن مؤشرات الفساد المالي والإداري، فإن أي شبهات تحيط بالمشاريع الحكومية أو تصريحات المسؤولين سرعان ما تدق جرس الإنذار لدى الشارع العراقي، الذي اعتاد على سماع “فضائح مالية” تتصدر العناوين دون محاسبة حقيقية.
ومع تكرار سيناريوهات الهدر وسوء التخطيط، باتت الشكوك تحيط بأي إنفاق ضخم، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشاريع تجميلية، بينما تعاني المستشفيات من نقص الأدوية، والمدارس من الاكتظاظ، والمناطق المهمشة من غياب الخدمات الأساسية.
مواجهة الفساد المالي
بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد السلام حسن، إن “مواجهة الفساد المالي والإداري يجب أن تكون أولوية قصوى في أي خطة إصلاحية، خاصة أن العراق يعد من بين الدول التي تحتل مراكز متقدمة في مؤشرات الفساد العالمية”.
وأضاف حسن، لـ”عراق أوبزيرفر” أن “الفساد في العراق لم يعد يقتصر على الرشاوى والمحسوبية، بل تطور إلى منظومات كاملة تتحكم في العقود الحكومية والمشاريع الاستثمارية، ما يجعل التصدي له يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وإجراءات قانونية حاسمة، بدلاً من الاكتفاء بتصريحات لا تترجم إلى أفعال على أرض الواقع”.
ويُعد تعليق الفوانيس تقليداً رمضانياً شائعاً، لكنه كان دائماً يقتصر على المبادرات الشخصية والمنازل الخاصة، ولم يكن يوماً مشروعاً حكومياً يتطلب ميزانيات ضخمة.
إلا أن تحوله إلى عمل رسمي بتمويل من المال العام انقلب إلى كابوس أثار الجدل في البصرة، مع تصاعد التساؤلات حول أولوية الإنفاق، ليجد المواطنون أنفسهم أمام مشهد اعتادوا عليه، حيث تُنفق المبالغ الضخمة عادة على مشاريع ثانوية.
واليوم الأربعاء، كشفت الحكومة المحلية في البصرة، عن التكلفة الحقيقية لمشروع “فوانيس رمضان”.
وقال نائب محافظ البصرة الإداري، ماهر العامري، إن “المشروع من مشاريع ديوان المحافظة ولا علاقة له بالبلدية، وتكلفته 798 مليون دينار فقط، لكل المجسمات والفوانيس المنفذة في شوارع المدينة”.
وتابع العامري، أن “تكلفة المشروع المتداولة وما تم إعلانه من قبل أحد أعضاء المجلس غير صحيح، وسنتوجه للقضاء في حق كل من يضلل الرأي العام ويسيء لسمعة المحافظة”.