تحليلاتخاص

أعمدة خشبية ومحولات معطوبة.. كهرباء العراق أم المصائب التي لا تأتي فرادى!

بغداد / عراق أوبزيرفر

مع أشهر الصيف الأولى، يشهد العراق تصاعدًا ملحوظًا في حدة الأزمة الكهربائية، على وقع غضب شعبي واسع، يرافق ذلك مع موجة لاهبة، زادت من تعقيد الوضع، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت الخمسين درجة مئوية.

مشاكل الإنتاج
ينتج العراق حاليًا حوالي 26 ألف ميغاواط من الكهرباء، بزيادة بلغت 22% مقارنة بالعام السابق، ومع ذلك، فإن هذه الكمية لا تزال غير كافية لتلبية الطلب الفعلي الذي يصل إلى 34 ألف ميغاواط.

هذا العجز الكبير في الإنتاج يعزى جزئيًا إلى المشاكل المستمرة في إمدادات الغاز الإيراني، الذي يعد مصدرا رئيسيا لتشغيل محطات الكهرباء في العراق، ففي مايو الماضي، خفضت إيران إمداداتها من الغاز، مما أثر بشكل مباشر على قدرة العراق على إنتاج الطاقة، كما أن المحطات العراقية، غير قادرة على زيادة الإنتاج.

وتعود المشكلة أساساً، إلى قلة المحطات التي تولد الكهرباء، وعدم فاعلية المحطات الجديدة، وبرغم إنفاق 100 مليار على الطاقة الكهربائية، منذ العام 2003، فإن مأزق الطاقة تحول إلى أزمة على المستوى الوطنية.

وبرغم الحلول المستقبلية التي ينتظرها العراقيون، بعد التوقيع مع شركات عالمية، لبناء محطات جديدة، فإنه من غير الواضح، إمكانية تشطيب هذه المشروعات، والاستفادة منها، لجهة الفساد المتغلغل في كل المفاصل، وتعرض هذه المشروعات للمخاطر الأمنية، فضلاً عن تعقد البيئة العراقية، وهو ما يعني إمكانية رحيل بعض هذه الشركات.

الباحث في مجال الطاقة المتجددة، وصاحب إحدى الشركات المختصة في هذا المجال، رعد العبيدي، يرى أن “الاتجاه الحديث حالياً نحو الطاقة البديلة، وعلى العراق التركيز على ذلك”، لتحقيق الأهداف التنموية وكذلك التقليل من الانبعاثات الغازي التي تلوث الهواء”.

ويرى العبيدي خلال حديثه لوكالة “عراق أوبزيرفر” أن “بعض الدول الأوروبية الآن تعتمد بنسبة 40% على الطاقة المتجددة، وبعض الدول الخليجية كالإمارات تعتمد بنسب عالية أيضاً، لكن العراق لا يزال في ذيل القائمة، بسبب تأخره في كل شيء”.

ولفت إلى أن “ثقافة الطاقة البديلة أيضاً لا تزال غير منتشرة بشكل كافٍ لدى المواطنين، فضلاً عن غلاء أسعار معداتها النسبي، ما يعني الحاجة إلى الدعم الحكومي لتطوير هذا الاتجاه”.

التوزيع
في الجانب الآخر من واقع الطاقة الكهربائية، يواجه العراق مشاكل كبيرة في توزيع الكهرباء، إذ أن الشبكة الوطنية متهالكة، وتعاني من نقص في الصيانة والتحديث، بالإضافة إلى التوسع العشوائي في المناطق السكنية، والتجاوزات على خطوط النقل التي تشمل سرقة التيار الكهربائي والعبث بالمعدات، مما يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من الكهرباء قبل وصولها إلى المستهلكين.
وينقل العراق التيار الكهربائي، داخل المدن، عبر الأسلاك والأعمدة، وهي أساليب قديمة تجاوزتها أغلب دول العالم منذ عقود، لصالح الأسلاك المخفية تحت الأرض، والنقل الشامل، وتجزيء المناطق، بما يقلل الأضرار المحتملة، وفي العراق فإن عدم تحديث البنى التحتية، وبقاء هذه الأسلاك والأعمدة على حالها منذ عقود، سيحول دون إمكانية الاستفادة من التدفقات الجديدة للطاقة في حال اكتمال المشاريع.

وفي بعض المناطق، وخاصة القرى والأرياف تُنقل الطاقة بأعمدة خشبية، وأسلاك ذات مناشئ رديئة، للتحول الكهرباء إلى قنابل موقوتة في بعض المناطق، وبالفعل انفجرت الكثير من محولات الكهرباء بسبب هذا الوضع.

ماذا يقول المستقبل؟
من الواضع أن العراق بحاجة إلى “ثورة” لإجراء إصلاحات جذرية في هذا المجال، تبدأ من مجال التوليد وصولاً إلى التوزيع، وتنظيم ميزانيات المنازل، وهو مسار محفوف المخاطر تعترضه الكثير من التحديات، ويزداد تعقيداً يوماً بعد آخر، بسبب نشوء مناطق جديدة، أغلبها زراعية، غير مشمولة بمخصصات التأهيل والإسكان، فضلاً عن المزاج الشعبي الرافض للجباية، مدفوعاً بخدمات رديئة، وبرغم وجود مشاريع حكومية، لكن – وفق الخبراء – فإن المأزق أكبر من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى