بغداد/ عراق أوبزيرفر
يشهد سعر صرف الدولار في السوق العراقية تراجعًا لافتًا منذ أيام، أثار موجة من التفاؤل الحذر بين المتابعين للشأن الاقتصادي، ورغم أن هذا الانخفاض يُنظر إليه كإشارة إيجابية على إمكانية استقرار السوق، إلا أن تساؤلات عدة تُطرح حول مدى ديمومة هذا الاتجاه.
ففي أسواق الصيرفة المحلية، انخفض سعر صرف الدولار إلى 142 ألف دينار مقابل كل 100 دولار في بورصتي الكفاح والحارثية، فيما بلغ سعر البيع 142,200 دينار.
هذه الأرقام تمثل أدنى مستوى بلغه الدولار منذ أشهر، ما يدفع بعض المراقبين إلى اعتبار ما يحدث نتيجة لجملة من التغييرات والإجراءات التي طرأت على السياسة النقدية في العراق.
ويربط عدد من الخبراء هذا التراجع بجملة عوامل متداخلة، داخلية وخارجية، من بينها تدخلات مباشرة للبنك المركزي العراقي وخطوات تنظيمية تهدف إلى كبح المضاربات في السوق وتقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي.
إجراءات حاسمة
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي داوود الحلفي أن الانخفاض الأخير في سعر صرف الدولار “يرتبط بشكل مباشر بالإجراءات الدقيقة التي تبنّاها البنك المركزي العراقي”، مشيرًا إلى أن من أبرز تلك الخطوات “غلق عدد من المنافذ التي كانت تُتهم بتهريب الدولار إلى خارج البلاد”.
وأوضح الحلفي في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر”، أن “فتح منافذ حكومية رسمية لبيع الدولار مباشرة إلى المواطنين، خصوصًا المسافرين والحجاج، أسهم في تقليل الضغط على السوق الموازية”. وبيّن أن كل حاج حصل على 2000 دولار مخصص، ما خفّض الطلب غير المشروع على العملة الأجنبية.
وتابع الخبير الاقتصادي حديثه قائلاً: إن “الخطوة أسهمت بشكل ملحوظ في تقليص الطلب من المنافذ غير الرسمية، ما خلق نوعًا من الاستقرار المؤقت في السوق”.
وأضاف أن هناك متغيرات دولية أيضًا ساعدت على خفض الضغط على الدولار، مثل المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، وتزايد الاعتماد على العملات المحلية في التبادل التجاري بين روسيا والصين، إلى جانب الضرائب الأميركية على بعض السلع، وهي عوامل دفعت بعض التجار لتقليل اعتمادهم على الدولار.
في المقابل، يبدي المواطنون في العراق نوعًا من الحذر إزاء هذا الانخفاض، إذ يخشون أن يكون مؤقتًا، خصوصًا مع تجارب سابقة شهدت فيها السوق تقلبات مفاجئة أعادت الدولار إلى مستويات مرتفعة.
وبالرغم من الترحيب الشعبي بارتفاع قيمة الدينار، إلا أن العديد من العراقيين يشككون في إمكانية صمود هذا التحسن ما لم تُعزَّز الخطوات الحكومية بإصلاحات اقتصادية أعمق وإستراتيجيات طويلة الأمد.
من جهتها، وصفت اللجنة المالية في مجلس النواب هذا الانخفاض بأنه “غير مؤقت”، مشيرة إلى أن السوق تتجه تدريجيًا نحو الاستقرار الكامل.
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي، في تصريح صحفي، إن “انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازي ليس مؤقتًا كما يتصور البعض، بل سيستمر حتى يصل إلى السعر الرسمي الذي حدده البنك المركزي وهو 1320 دينارًا لكل 100 دولار”.
وبيّن الكاظمي أن هذا التراجع جاء بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي ومؤسسات السلطة النقدية في العراق، خاصة في ما يتعلق بالحوالات الخارجية وتنظيم عمل المصارف. وأشار إلى أن “كل تلك الإجراءات كانت بحاجة إلى وقت لتُترجم إلى نتائج ملموسة، ولهذا فإن الانخفاض سيستمر في الأيام المقبلة”.