
بغداد/ عراق أوبزيرفر
شكل حديث رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، حول العلاقات مع سوريا بعد سقوط نظام الأسد، بداية لانفتاح محتمل بين بغداد ودمشق، وسط تساؤلات حول طبيعة هذا الانفتاح وحدوده الفعلية على أرض الواقع.
وخلال مقابلة صحفية، قال السوداني: “إن العراق يسعى لتعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة بما يخدم مصالح البلدين المشتركة”، مشيرًا إلى أن “الاستقرار في سوريا سينعكس بشكل إيجابي على الوضع الأمني والاقتصادي في العراق”.
وأوضح أن بغداد “تدرك أهمية العلاقة مع دمشق، لكنها تتعامل بحذر مع المرحلة الجديدة بعد التغيير السياسي هناك”.
ورأى مراقبون أن هذا التصريح يعكس توجهًا جديدًا في السياسة الخارجية العراقية، لكنه لم يُترجم حتى الآن إلى خطوات عملية على الأرض، حيث لا تزال بغداد مترددة في اتخاذ إجراءات فعلية تجاه تعزيز علاقتها مع الإدارة السورية الجديدة.
حذر وتردد
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي فارس يونس إن “العلاقات السورية العراقية لا تزال تعاني من حالة من الحذر والتردد، حيث لم تتعامل الحكومة العراقية مع الإدارة السورية الجديدة بانفتاح واضح”.
وأضاف، يونس لـ”عراق أوبزيرفر” أن “الحكومة العراقية أبدت تخوفات واضحة تتعلق بالملفات الأمنية، خصوصًا ما يتعلق بتهديد تنظيم داعش ووجوده في سوريا، بالإضافة إلى قضية مخيم الهول الذي يضم عوائل التنظيم، وما يشكله من تهديد محتمل على الأمن العراقي”.
وأشار يونس إلى أن “الجانب السوري قدم تطمينات كبيرة والتزم بتأمين الحدود المشتركة، لكن العراق لا يزال متخوفًا من أي تطورات أمنية غير محسوبة، خصوصًا في ظل وجود قوى داخلية عراقية ترى أن التغيير الذي حدث في سوريا له بعد طائفي، مما يجعلها غير متحمسة لإقامة علاقات قوية مع الإدارة السورية الجديدة”.
وأوضح أن “هذا الموقف يعكس تباينًا داخل العراق بين المؤسسات الحكومية، التي تركز على الأبعاد الأمنية، والجهات السياسية التي لا تزال متوجسة من التغييرات التي حدثت في سوريا”.
القمة العربية
ورغم هذه المعطيات، لم تتخذ بغداد حتى الآن أي خطوات فعلية للانفتاح على سوريا الجديدة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين، وما إذا كانت ستشهد تحولًا حقيقيًا أم ستظل ضمن إطار المجاملات الدبلوماسية من دون قرارات استراتيجية واضحة.
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة العراقية بغداد القمة العربية المقبلة في مايو 2025، وسط تساؤلات حول الملفات التي ستطرح على جدول الأعمال، وما إذا كانت ستشهد مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع.
بدوره، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفائز، إن العراق سيستدعي الرئيس السوري أحمد الشرع، لحضور القمة العربية المزمع إقامتها في بغداد.
وأوضح الفائز في تصريح صحفي، أن “رئاستي الجمهورية والوزراء لم توجه دعوة رسمية حتى الآن لحضور الشرع القمة العربية، لكنها ستدعوه لأنه يحظى بتأييد دولي، وبالتالي فإن العراق سيكون ملزماً، ضمن إطار المجتمع الدولي، بالتعامل معه كرئيس للجمهورية العربية السورية”.
ويأتي انعقاد هذه القمة في ظل تحولات إقليمية كبرى، أبرزها التطورات الأمنية والسياسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ما يفتح الباب أمام إمكانية مناقشة مستقبل العلاقات العراقية السورية في سياق أوسع يشمل إعادة ترتيب الأولويات العربية.
ويرى مراقبون أن القمة قد تمثل فرصة لبغداد لإعادة تقديم نفسها كلاعب دبلوماسي فاعل، قادر على لعب دور الوسيط بين مختلف الأطراف العربية، بما في ذلك دمشق، خاصة في ظل استمرار التردد العراقي في اتخاذ خطوات واضحة نحو الانفتاح على الحكومة السورية الجديدة.