
بغداد/ عراق أوبزيرفر
أثار تصريح وزير الكهرباء العراقي الأسبق، لؤي الخطيب، جدلًا واسعًا بعد كشفه عن وجود خطوط كهربائية “مستثناة من القطع المبرمج تُستخدم في عمليات غير قانونية لتعدين البتكوين والعملات الرقمية الأخرى، ما يسلّط الضوء على احتمالات استغلال الكهرباء المدعومة من الدولة لأغراض مشبوهة، في وقت يعاني فيه العراق من أزمات متكررة في توفير الطاقة.
وفي المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، وجود أي دليل رسمي يثبت تشغيل مزارع لتعدين العملات المشفرة داخل البلاد.
وأكد موسى، في تصريح صحفي، أن الوزارة تتابع بجدية أي نشاط غير قانوني قد يؤثر على منظومة الطاقة الوطنية، مشددًا على أن التصريحات في هذا المجال تبقى ضمن نطاق الإعلام، ولا يمكن اعتبارها أدلة حاسمة ما لم تُعزز بمعلومات ميدانية.
وتفاعل الشارع العراقي مع تصريحات الخطيب على مواقع التواصل وسط تزايد الشكوك حول وجود مزارع خفية لتعدين العملات المشفرة في مناطق لا تخضع لانقطاع التيار الكهربائي، وما إذا كانت هذه الأنشطة تقف وراء الارتفاع المفاجئ في معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية خلال العام الماضي.
ويرى مختصون أن عمليات تعدين البتكوين موجودة فعليًا في العراق، رغم عدم الاعتراف الرسمي بها، مشيرين إلى أن هذه الأنشطة تُمارس في الخفاء باستخدام أجهزة متطورة تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتستفيد في بعض الحالات من خطوط غير خاضعة للقطع المبرمج أو من تواطؤ محلي لتأمين الطاقة بشكل مستمر.
لا ترخيص رسميا
بدوره أكد الخبير المالي مصطفى حنتوش أن نشاط تعدين العملات الرقمية، وعلى رأسها البتكوين، موجود فعليًا داخل العراق، رغم عدم صدور أي ترخيص رسمي يجيز هذه الأنشطة، “محذرًا من أن “استخدامها العالي للطاقة الكهربائية يُشكل ضغطًا إضافيًا على المنظومة الوطنية، خصوصًا في ظل محدودية الإنتاج وارتفاع الطلب في مواسم الذروة”.
وقال حنتوش لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “تقنية البلوكتشين التي تعتمد عليها العملات الرقمية لا يمكن إيقافها بسهولة، لأنها ترتبط بعدد كبير من المواقع والبرمجيات اللامركزية التي تعزز من استمراريتها حتى لو تم إغلاق بعضها”.
وأوضح أن “الأنشطة المرتبطة بهذه التقنية تتطلب أجهزة حاسوب ذات معالجات قوية واستهلاك عالٍ للطاقة، وهو ما يتم فعليًا من خلال ما يُعرف بجهاز التعدين، الذي يربط المستخدم بالشبكة العالمية”.
وأضاف أن “استخدام هذه الأجهزة في العراق يتم دون رقابة رسمية، في ظل غياب الاعتراف القانوني بالعملات الرقمية، ورغم ذلك فإن البعض يتعامل بها سواء لأغراض استثمارية أو تجارية”، مؤكدًا أن “البيئة الرقمية العالمية أصبحت تتجاوز الحدود التقليدية للرقابة، حيث لا يمكن حظر نشاط البتكوين من خلال غلق موقع أو برنامج، لأنه ببساطة سيُعاد تفعيله عبر شبكة أخرى مرتبطة”.
وأشار حنتوش إلى أن “بعض الدول الكبرى تدعم هذه العملات ضمن نظام اقتصادي عالمي غير معلن، هدفه تجاوز الأنظمة التقليدية، خاصة في مجالات التجارة الدولية والخزن والتحويلات”.
وتُظهر بيانات دولية أن استهلاك الطاقة الناتج عن تعدين العملات المشفرة يتجاوز 90 تيراواط/ساعة سنويًا، أي ما يعادل قرابة 10 آلاف ميغاواط في الساعة، وهو ما يُقارب نصف إنتاج العراق الحالي من الكهرباء. هذه الأرقام تُعزز المخاوف من احتمال وجود أنشطة غير معلنة تستنزف الطاقة في بلد يعاني أصلًا من عجز مزمن في تلبية احتياجاته الكهربائية.