تحليلاتخاص

برامج “التوك شو” في العراق.. إعلام جدلي أم حوارات مهنية؟

بغداد/ عراق أوبزيرفر

تمثل برامج “التوك شو” جزءاً أساسياً من محتوى القنوات الفضائية العراقية، إذ تضم قرابة 30 برنامجاً متنوعاً يتناول القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها من المواضيع التي تشكل جوهر الجدل اليومي.
ويجذب هذا النوع من البرامج جمهوراً واسعاً بفضل الطابع المباشر والحيوي الذي يتميز به، ما جعله ساحة مفتوحة للنقاشات والحوارات المتنوعة.
يجد المشاهد العراقي نفسه اليوم أمام هذا الكم الهائل من البرامج التي غالباً ما تتضمن نقاشات حادة وتصريحات مثيرة، مما جعلها مصدراً أساسياً للأخبار والحوارات.
لكن في المقابل، يرى متابعون أن هذه البرامج ساهمت في تعميق الانقسام المجتمعي، كونها تفتقر إلى الالتزام بالمعايير المهنية اللازمة، إذ تركز على الإثارة أحياناً على حساب التحليل الموضوعي.
وأكاديمياً، تهدف برامج “التوك شو” إلى توفير رؤى وتحليلات حول مواضيع تهم مختلف شرائح المجتمع، إلا أن بعضها بات يعتمد أسلوب الإثارة وتبادل الألفاظ الحادة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التأثير سلباً على الرأي العام، ويزيد من حالة الانقسام داخل المجتمع العراقي.
وفي هذا السياق، يعتبر خبراء أن البرامج الحوارية يجب أن تتسم بالموضوعية والتوازن، وتبتعد عن التحيز للآراء الشخصية أو الانحياز السياسي، حتى تكون أداة فعّالة لتوعية الجمهور وتحقيق الاستفادة من تنوع الآراء.

نجاحات واخفاقات
ونجحت بعض هذه البرامج في تقديم محتوى يحمل قيمة مجتمعية، عبر تسليط الضوء على قضايا هامة وكشف حقائق، ما أكسبها متابعة واسعة وثقة لدى المشاهدين.
لكن بالمقابل، تعاني معظم البرامج الحوارية من تأثيرات المال السياسي، حيث تخضع توجهاتها لمصالح مالكيها من سياسيين وأحزاب، ما يجعل من الصعب عليها أن تلتزم بالمعايير المهنية المتعارف عليها عالمياً في صناعة الإعلام.
وتميل بعض البرامج إلى اختيار ضيوف يحملون توجهات متشابهة في محاولة لترسيخ وجهات نظر معينة، فيما تعتمد برامج أخرى على السجال الحاد عبر استضافة شخصيات متباينة الرؤى، مما يولّد سجالاً لا يخدم الهدف المهني للبرنامج بقدر ما يخدم الإثارة ويجذب مزيداً من المتابعين.
وبرغم ذلك، تظل برامج “التوك شو” مساحة مفتوحة للمشاهدين العراقيين الذين يجدون فيها وسيلة للمتابعة والتفاعل مع الشؤون السياسية والاجتماعية، إلا أن دورها يحتاج إلى إعادة نظر وضوابط تحكمها، لضمان تقديم محتوى إعلامي موضوعي يساهم في توجيه النقاشات العامة نحو قضايا حقيقية تؤثر في حياة المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى