بغداد/ عراق أوبزيرفر
في ظل التحركات البرلمانية لإنهاء التصويت على تعديلات قانون الأحوال الشخصية، تتصاعد الأصوات الرافضة لتلك التعديلات، والمحذرة من تداعياته على المجتمع العراقي، بما يسببه من تفكك وتمزق للأسر.
ولم يتبقَ للتعديلات كي تصبح قانوناً نافذاً إلا مراجعة شكلية، ثم التصويت عليها داخل المجلس الذي أنهى القراءتين، ما يعني إمكانية تمريرها بسهولة، لحصول الموافقة والقناعات الداخلية.
وبعد أن تتحول هذه التعديلات إلى قانون، فإنه سيتعين الانتظار ستة أشهر لحين وصول المدوّنات الفقهية من المجلس العلمي والإفتائي في الوقف السني، وكذلك المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي، إذ لم يطلع النواب في البرلمان على هاتين المدونتين، وهو ما يجعلهما غامضتين، وقد يحملان آراء لا تتسق وطبيعة المجتمع العراقي، أو ذات صبغة متشددة.
وأصدر العالم السني، عبدالملك السعدي، بياناً بشأن هذه التعديلات، حيث أكد إنه “من المؤسف أنه جاء على نحو معزز للطائفية مرة أخرى، فدعا إلى وضع مدونة أحوال شخصية سنية وأخرى شيعية، وجاء ذلك ضمن السياق الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة منذ احتلال العراق سنة 2003 وحتى الآن، كما فعلوا من قبل بفصل الأوقاف إلى وقفين سني وشيعي، وفصل النواب والسياسيين إلى سنة وشيعة، وحتى صيام رمضان، وغيرها كثير”.
وأضاف السعدي، أن “ما زاد من حدة الغضب الشعبي، هو ارتباط القوانين ببعضها فيما بدا أنه أشبه بـ «المساومة»، حيث تضمنت جلسة الاثنين (15 – سبتمبر) مناقشة مشروعي قانوني العفو العام والأحوال الشخصية، بهدف استكمال قراءتهما كي يمررا داخل البرلمان بالأغلبية.
خطر داهم
وقال المحامي، محمد جمعة، إن “التعديلات ستكون كارثة على المجتمع، وهذا ما لا يدركه المنادون الآن بتمرير تلك التعديلات” داعياً مجلس النواب “والأعضاء الذين يقدمون مصلحة بلادهم إلى الوقوف بحزم، ومنع تمرير تلك التعديلات المشبوهة”.
وأضاف جمعة لـ”عراق أوبزيرفر” أن “المجتمع العراقي لا يمكنه القبول بمثل تلك التعديلات التي ستسلبه هويته، وتنعكس سلباً عليه، بل وتؤسس للطائفية وكذلك التفرقة”، لافتاً إلى “أهمية تدخل الجميع لمنع تلك التعديلات من المرور، وإبعاد هذا الخطر الداهم عن أفراد المجتمع”.
وتنظر التيارات المدنية إلى أن هذه التعديلات في قانون الأحوال الشخصية ستؤدي إلى تدمير أو سحق قوة وتماسك الأسرة العراقية بسبب انتهاك حقوق المرأة وأيضا خطورة السماح بزواج الأطفال أو القصر، يعني أن القانون سيسمح بزواج من هم دون السن القانوني، وهذا يعتبر من وجهة نظر التيار المدني تدميرا للأسرة العراقية وقوة هذه الأسرة.
بدورها، أصدرت منظمة العفو الدولية، بياناً بشأن تعديلات القانون، حيث قالت قالت رازاو صاليي، الباحثة المعنية بشوؤن العراق في المنظمة: “يجب على المشرعين العراقيين أن يستمعوا إلى تحذيرات المجتمع المدني، ومجموعات حقوق المرأة، من التأثير المدمر لهذه التعديلات، التي من شأنها إلغاء سن الزواج القانوني الحالي البالغ 18 عامًا للفتيات والفتيان على حد سواء، مما يمهد الطريق لزواج الأطفال، وكذلك تجريد النساء والفتيات من الحماية فيما يتعلق بالطلاق والميراث”.
وأضافت المنظمة في بيان أصدرته الخميس، أن “التعديل لا تحرم الأطفال الفتيات من التعليم فحسب؛ بل يعرّضهنّ أيضًا للإيذاء الجنسي والبدني، والمخاطر الصحية المرتبطة بالحمل المبكر. والإصرار الشديد على هذه التعديلات على قانون الأحوال الشخصية مثير للقلق، على الرغم من الحاجة الماسة إلى إصلاحات قانونية عاجلة مختلفة تمامًا لحماية حقوق النساء والفتيات العراقيات”.