
بغداد/ عراق أوبزيرفر
نقاش مستمر بين الاقتصاديين في العراق، حول تأثيرات تعديل سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي على الاقتصاد الوطني، خاصة في مجالي الزراعة والصناعة.
وتتباين آراء الخبراء والمسؤولين بين مؤيد ومعارض لتغيير سعر الصرف، مع التركيز على كيفية تأثير ذلك على القطاعات الإنتاجية والاقتصاد الكلي.
وفي عام 2020، قرر البنك المركزي العراقي تعديل سعر صرف الدولار أمام الدينار، حيث بلغ سعر شراء الدولار من وزارة المالية 1450 دينارًا، بينما تم تحديد سعر بيعه للمصارف بـ1460 دينارًا، وللمواطنين بـ1470 دينارًا لكل دولار .
وفي فبراير 2023، أعلن البنك المركزي العراقي عن تعديل آخر في سعر الصرف، ليصبح 1300 دينار للدولار الواحد ، حيث جاء القرار في محاولة للسيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار.
حماية الدينار العراقي
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي علاء الفهد أن “سعر الصرف الحالي يمثل توازنًا يحمي قيمة الدينار العراقي ويحافظ على المستوى العام للأسعار، مما يساعد في حماية الطبقات الفقيرة”.
وأشار لـ”عراق أوبزيرفر” إلى أن “السبب الرئيسي وراء ارتفاع تكاليف الإنتاج يعود إلى ارتفاع أسعار الطاقة وليس إلى سعر الصرف”.
وأضاف الفهد أن “المشكلة الحقيقية التي تعيق نهوض القطاعات الإنتاجية، خصوصًا الزراعة والصناعة، تتعلق بأزمة الطاقة، لا سيما الكهرباء، حيث تؤدي هذه الأزمة إلى رفع تكاليف الإنتاج، مما يمنع تطور هذه القطاعات”، لافتًا إلى أن “دولًا مثل الصين تمتلك سعر صرف منخفضًا لعملتها، ورغم ذلك فإن صناعتها مزدهرة، مما يعني أن انخفاض العملة قد يكون فرصة لنمو الإنتاج المحلي، وليس بالضرورة عائقًا أمام التنمية”.
وتاريخيًا، شهد الدينار العراقي تقلبات في قيمته، ففي عام 1980، كان الدينار يعادل 3.3 دولار أمريكي، لكن قيمته تدهورت خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث انخفض إلى حوالي 4 دنانير للدولار عام 1988. وبعد غزو الكويت وفرض الحصار الاقتصادي في التسعينيات، تدهورت قيمة الدينار بشكل كبير، حيث وصل في عام 1995 إلى حوالي 3000 دينار مقابل الدولار.
ارفعوا سعر الصرف
من جهة أخرى، يرى نائب محافظ البنك المركزي العراقي إحسان شمران أن “الصناعة لن تنهض ما لم تجد الدولة نفسها فيها، وكذلك الزراعة ما لم يتم تغيير سعر الصرف، إذ أن السعر الحالي غير عادل، والمصدر العراقي يبيع السلع بأي سعر ويحقق الربح لأن الدولار رخيص جدًا”.
وأضاف شمران في تصريح صحفي، أن “الدولار الرخيص يدفع بعض المصدرين لبيع أي سلعة داخل العراق مقابل الحصول على الدولار، حيث أن سعر الصرف يجب أن يكون بين 2000 – 2500 دينار لكل دولار، باعتبار أن العملة العراقية قوية جدًا بسبب ارتفاع رصيدها”.
وأشار إلى أن “العراق يمتلك احتياطيات تناهز 120 مليار دولار مقابل مصدر تداول يقدر بـ103-104 تريليون دينار، مما يمنح العملة العراقية غطاءً يقارب 170%، وهو أمر ليس بالقليل، لكن العلاقة مع الدولار تتطلب تعديل سعر الصرف لتحقيق التوازن المطلوب”.
وتباينت آراء الخبراء حول تأثير هذه التعديلات على الاقتصاد العراقي، فبينما يرى البعض أن خفض قيمة الدينار يعزز من تنافسية المنتجات المحلية ويقلل من العجز في الموازنة، يرى آخرون أن ذلك يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة ويؤثر سلبًا على الفئات ذات الدخل المحدود.
ويرى اقتصاديون أن المشكلة الحقيقية تكمن في هيكلية الاقتصاد العراقي واعتماده الكبير على النفط، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالطاقة والبنية التحتية، والتي تعيق تطوير القطاعات الإنتاجية الأخرى.