بغداد/ عراق أوبزيرفر
في ظل الاضطرابات السياسية والأمنية التي تعصف بالعراق، أصبحت التظاهرات وسيلة أساسية للتعبير عن المطالب الاجتماعية والمهنية، ومع ذلك، فإن تعامل الأجهزة الأمنية مع هذه الاحتجاجات قد تحول إلى قضية خطيرة، كما يتضح من الأحداث الأخيرة التي شهدتها بغداد.
واتخذت السلطات العراقية إجراءات قمعية خلال تظاهرات خريجي المهن الصحية، ما يسلط الضوء على مشاكل أعمق تتعلق بكيفية إدارة الأزمات والتعامل مع حقوق الانسان في البلاد.
وتجمع العشرات من خريجي المهن الصحية قرب بوابات المنطقة الخضراء في بغداد للمطالبة بالتعيين المركزي، حيث كانت أعدادهم كبيرة وجاءوا من مناطق مختلفة في العاصمة، حاملين لافتات تطالب بحقوقهم وفقًا لقانون المهن الصحية.
لكن ما حدث بعد ذلك كان صادما؛ فقد تدخلت قوات الأمن بشكل عنيف ضد المتظاهرين، حيث استخدمت المياه الحارة والعصي الكهربائية لتفريقهم، ما أسفر عن إصابة أكثر من 25 شخصًا.
ولم تتأخر الحكومة العراقية في إصدار بيان بعد الحادث، حيث أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزامه باحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان.
ووجّه السوداني قيادة العمليات المشتركة بالتحقيق في الحادث، وأمر بتواجد ميداني لقائد عمليات بغداد في التظاهرات المستقبلية لضمان عدم تكرار هذه المشاهد العنيفة.
كما شكلت الحكومة لجنة برئاسة وزير الصحة لتقديم تقرير حول وضع التعيين خلال أسبوع واحد، لكن برغم هذه التصريحات، فإن القمع الذي تعرض له المتظاهرون يعكس فجوة كبيرة بين سياسة الحكومة وإجراءاتها على الأرض.
تكرار لأحداث 2019
وقمع تظاهرات خريجي المهن الصحية ليست الأولى من نوعها، بل يأتي في سياق سلسلة من الاحتجاجات التي شهدت مواجهات مماثلة، مثل تظاهرات تشرين 2019.
وهذه الأحداث تظهر أن هناك نمطًا من التعامل القمعي الذي يهدد حقوق المواطنين في التعبير عن مطالبهم بشكل سلمي وهو ما يوجب على الأجهزة الأمنية تبني استراتيجيات أكثر فاعلية في التعامل مع الاحتجاجات، تتضمن تدريبا مناسبا لقوات الأمن على كيفية إدارة التظاهرات بطرق تحترم حقوق الإنسان وتقلل من الاحتكاك.
وقالت عضو تنسيقية تظاهرات خريجي المهن الصحية، فاطمة النعيمي: “نحن لم نخرج إلى الشوارع من أجل مواجهة العنف أو القمع، بل من أجل المطالبة بحقوقنا المشروعة التي كفلها القانون… لكن للأسف، ما نراه هو تصاعد العنف بدلاً من الاستماع إلى مطالبنا والعمل على حل مشكلاتنا”.
وأضافت لوكالة “عراق أوبزيرفر”، “نحن نطالب بحل سريع وعادل، لأن التعامل العنيف لن يمنعنا من المطالبة بحقوقنا”.
يشار إلى أن المئات من خريجي المجموعة الطبية تظاهروا في 11 آب أغسطس الماضي، أمام وزارة الصحة بالعاصمة بغداد كما جرت اشتباكات بينهم وبين قوات مكافحة الشغب وأسفرت عن سقوط عدد من الإصابات من صفوف المتظاهرين.
وقالت نقابة صيادلة العراق، في حينها أنها تقوم بدورها الذي نص عليه قانون نقابة الصيادلة رقم 112 لسنة 1966 وتتابع و تتعاون وتنسق مع كل من السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية لتطبيق ما نص عليه قانون تدرج ذوي المهن الطبية رقم 6 لسنة 2001 النافذ و الذي ينص على تعيين خريجي كليات الصيدلة و باقي المهن الطبية والصحية والتمريضية من خريجي العام الدراسي 2022-2023″، مؤكدة ان “النقابة ستستمر بمتابعتها لحين استكمال تعيين أبناءنا الخريجين”.