بغداد/ عراق أوبزيرفر
تحولت قضية المخدرات في العراق إلى أزمة متفاقمة تضرب في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية، حيث أصبح العراق، الذي كان في السابق مجرد ممر لتهريب المخدرات، سوقًا استهلاكيا كبيرا يتسع لتنوع أنواع المخدرات واستخداماتها.
وفي حين كانت المخدرات تُهرب من إيران وأفغانستان إلى الأسواق الأوروبية عبر العراق قبل عام 2003، فإن الوضع قد تغير بشكل جذري بعد تأسيس النظام السياسي الحالي.
وحاليا، تواجه السلطات تحديات كبيرة في مكافحة هذه الظاهرة المتصاعدة، إذ أصبح العراق سوقا متناميا لتجارة المخدرات بجميع أنواعها، وتزايدت الشبكات التي تتاجر بالمخدرات في العديد من المحافظات.
ويعود أحد الأسباب الرئيسية لهذا الوضع إلى الحدود المفتوحة، بالإضافة إلى تأثير تجارة المخدرات المربحة على المشهد السياسي، حيث دخلت قوى سياسية في هذا المجال لتحقيق مصالحها وحماية المتورطين.
وفي هذا السياق يبرز تصريح وزير الداخلية العراقي السابق، عثمان الغانمي، عن وجود سياسية ترعى مافيات المخدرات في تصريح أثار ضجة واسعة حينها.
وقال الغانمي في تصريح تلفزيوني، إنه “عندما اعتقلنا بعض تجار المخدرات كانت جهات سياسية تتصل للتوسط إليهم وإطلاق سراحهم”.
جهود مكثفة
وفي مسعى لتطويق هذه القضية تقوم القوات الأمنية بحملات مستمرة وعمليات اعتقال، حيث تمكنت خلال العام الحالي من تفكيك 230 شبكة ترويج مخدرات، بما في ذلك 27 شبكة دولية، واعتقال أكثر من 150 تاجرًا مرتبطين بجهات دولية.
لكن ورغم هذه الجهود، فإن بدائل الشبكات والتجار تظهر على الساحة بعد فترة قصيرة، مما يبرز الصعوبات الكبيرة في السيطرة على هذا الملف.
بدوره، ذكر مصدر مطلع في وزارة الداخلية أن “العراق لجأ رسمياً إلى الدول المجاورة لمساعدته في ملف مكافحة المخدرات بعد أن استفحلت عصابات دولية مارست أعمالاً كبيرة خلال الفترة الماضية، وهو ما أثار تساؤلات الجهات المعنية، عن كيفية دخولها وقدرتها على اختراق المنظومة الأمنية”.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لـ”عراق أوبزيرفر” أن “التعاون يتركز حالياً مع الأردن والسعودية والكويت وكذلك سوريا، لتعقب هذه العصابات التي اتخذت من العراق موطئ قدم لنشاطها، حيث تسعى السلطات العراقية لفهم ما يجري، ومواقع دخولها وطبيعة نشاطها”.
ولفت إلى “إنشاء قاعدة بيانات موحدة لهذه الدول بهدف التعاون في مجال تعقب هذه العصابات”.
ويكشف التحليل التاريخي عن دور السياسة في حماية تجارة المخدرات، حيث عمل بابلو إسكوبار في كولومبيا في الثمانينات من خلال دخوله عالم السياسة لضمان الحصانة لتجارته، فإن بعض القوى السياسية في العراق تستفيد من وضعها لحماية المتورطين في تجارة المخدرات.
كذلك، يعتبر خوان “إل تشابو” غوزمان مثالًا آخر على كيفية استخدام النفوذ السياسي لحماية أنشطة غير قانونية، حيث بنى إمبراطورية كبيرة في تجارة المخدرات بين المكسيك وكولومبيا وأمريكا.
ويقول مختصون إن التصدي لتجارة المخدرات في العراق يتطلب خطوات جادة وحاسمة تشمل تشديد القوانين والتشريعات، ومحاسبة جميع المتورطين، وضمان عدم وجود حصانة سياسية تحميهم.
مع بدون تلك التدابير، فإن الوضع سيبقى كما هو، مع تسجيل المزيد من الإحصائيات حول كميات المخدرات، واستمرار انتشارها وتأثيرها السلبي على المجتمع.